للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنه في «الآكام» (١): وممَّن تُرَدُّ شهادته ولا تسلم له عدالته من يزعم أنَّه يرى الجنَّ عيانًا، ويدَّعي أنَّ له منهم إخوانًا، ثمَّ روى بسنده إلى حرملة (٢) قال: سمعت الشَّافعيَّ يقول: من زعم أنَّه يرى الجنَّ، أبطلنا شهادته، لقوله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ﴾ [الأعراف: ٢٧] وعن الرَّبيع: سمعت الشَّافعيَّ يقول: من زعم من أهل العدالة أنَّه يرى الجنَّ أبطلنا (٣) شهادته، لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ﴾ … الآية، إلَّا أن يكون نبيًّا. قال في «الفتح»: وهذا محمولٌ على من يدَّعي رؤيتهم على صورهم الَّتي خُلِقوا عليها، وأمَّا من زعم أنَّه يراهم بعد أن يتطوَّروا (٤) على صورة شيءٍ من الحيوان فلا، وقد تواترت الأخبار بتطوُّرهم في صورٍ شتَّى فيتصوَّرون في صورة (٥) بني آدم، كما أتى الشَّيطان قريشًا في صورة سراقة بن مالك بن جُشْعمٍ (٦) لمَّا أرادوا الخروج إلى بدرٍ، ﴿وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٨] وفي صورة شيخٍ نجديٍّ لمَّا اجتمعوا بدار النَّدوة. وفي صورة الحيَّات. ففي «التِّرمذيِّ» عن أبي سعيدٍ الخدريِّ مرفوعًا: «إنَّ بالمدينة نفرًا من الجنِّ، فإذا رأيتم من هذه الهوامِّ شيئًا فآذنوه ثلاثًا، فإذا (٧) بدا لكم فاقتلوه» وفي صورة الكلاب. واختُلِف في ذلك، فقيل: هو تخييلٌ فقط، ولا قدرة لهم على تغيير خلقتهم والانتقال في الصُّور، وإنَّما يجوز أن يعلِّمهم الله كلماتٍ وضربًا من ضروب الأفعال إذا تكلَّموا بها وفعلوها نقلهم الله تعالى من صورةٍ إلى صورةٍ، فيُقال: إنَّهم قادرون على التَّصوير والتَّخييل على معنى أنَّهم قادرون على قولٍ إذا قالوه نقلهم الله من صورةٍ إلى أخرى، وأمَّا تصوير أنفسهم فذلك محالٌ، لأنَّ انتقال


(١) في (د): «الإكمال» ولعلَّه تحريفٌ.
(٢) عبارة آكام المرجان: «سمعت بعض أصحابنا -قال التستري: أظنه حرملة- سمعت الشافعي».
(٣) في (ب) و (س) و (ص): «أُبطِلت».
(٤) في (ب): «يتصوَّروا»، والمثبت موافقٌ لما في «الفتح» (٦/ ٣٩٦)، وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٥) في (ب) و (س): «بصورة».
(٦) في (ج) و (ل): «جعشم».
(٧) في (د): «فإن».

<<  <  ج: ص:  >  >>