للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَا يُقْتَلُ اليَوْمَ إِلَّا ظَالِمٌ) عند خصمه (أَوْ مَظْلُومٌ) عند نفسه لأنَّ كِلَا (١) الفريقين كان يتأوَّل أنَّه على الصَّواب، قاله ابن بطَّالٍ. وقال السَّفاقسيُّ: إمَّا صحابيٌّ يتأوَّل فهو (٢) مظلومٌ، وإمَّا غير صحابيٍّ قاتَلَ لأجل الدُّنيا فهو ظالمٌ، وقد كان الزُّبير وطلحة وغيرهما من كبار الصَّحابة خرجوا مع عائشة لطلب قَتَلَة عثمان وإقامة الحدِّ عليهم لا لقتال عليٍّ، لأنَّه لا خلاف أنَّ عليًا كان أحقَّ بالإمامة من جميع أهل زمانه، وكان قَتَلَة عثمان لجؤوا إلى عليٍّ، فرأى أنَّه لا يسلِّمهم للقتل حتَّى يُسكِّن حال (٣) الأمَّة، وتجري الأمور على ما أوجب الله، فكان ما قدَّر الله ممَّا جرى به القلم، ولذا قال الزُّبير لابنه لمَّا رأى شدَّة الأمر وأنَّهم لا ينفصلون إلَّا عن تقاتلٍ (٤): (وَإِنِّي لَا أُرَانِي) بضمِّ الهمزة، أي: لا أظنُّني (إِلَّا سَأُقْتَلُ اليَوْمَ مَظْلُومًا) لأنَّه لم ينوِ قتالًا ولا عَزَم عليه، أو لقوله : «بشِّر (٥) قاتل ابن صفيَّة بالنَّار» (وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي) بفتح اللَّام للتَّأكيد (أَفَتَُرَى) بهمزة الاستفهام وضمِّ الفوقيَّة، أي: أفتظنُّ، وبفتحها، أي: أفتعتقد (يُبْقِي) بضمِّ أوله وكسر ثالثه، من الإبقاء (دَيْنُنَا) بالرَّفع على الفاعليَّة (مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟!) بالنَّصب على المفعوليَّة، وقال ذلك استكثارًا لِمَا عليه، وإشفاقًا من دينه (فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ) ولأبي ذرٍّ: «واقضِ» (دَيْنِي، وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ) من ماله مطلقًا (وَثُلُثِهِ) أي: وبثلث الثُّلث (لِبَنِيهِ؛ يَعْنِي: عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ) ولأبي ذرٍّ: «يعني: بني (٦) عبد الله بن الزُّبير» خاصَّةً (يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ) كما ذكرته (فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا فَضْلٌ (٧) بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَثُلُثُهُ) (٨) بضمَّاتٍ (٩) أي: ثلث ذلك الفضل الَّذي أوصيت به من الثُّلث (لِوَلَدِكَ) وسقط قوله «شيءٌ» لابن عساكر، ومقتضاه: أنَّ الفاضل بعد قضاء الدَّين يُصرَف ثُلُثُه لبني عبد الله، وفيه شيءٌ لأنَّه إنَّما أوصى لهم بثلث الثُّلث، ويُحمَل الكلام على أنَّ المراد: فإنْ فَضَلَ بعد الدَّين شيءٌ


(١) في (م): «كلًّا من».
(٢) زيد في (ص): «غير» وليس بصحيحٍ.
(٣) في (م): «تسكن حالة».
(٤) في (د): «قتالٍ».
(٥) في (م): «بشِّروا» وهو تحريفٌ.
(٦) «بني»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٧) «فضلٌ»: سقط من (م).
(٨) زيد في (م): «أي ثلث ذلك» وهو تكرارٌ لما سيأتي.
(٩) في (م): «بضمان» وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>