للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تحصيله إذ إنَّه إذا حصل الخروج بأقلَّ ممَّا (١) ينطلق عليه اسم الإيمان فبالكثير منه أحرى، فإن قلت: الوزن إنَّما يُتصوَّر في الأجسام دون المعاني، أُجِيب: بأنَّ الإيمان شُبِّه بالجسم فأُضِيف إليه ما هو من لوازمه وهو الوزن، والمُرَاد بـ «القول» هنا النَّفسيُّ. نعم؛ الإقرار لا بدَّ منه ولذا أعاده في كلِّ مرَّةٍ (وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) محمَّدٌ رسول الله (وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ) بضمِّ المُوحَّدة وتشديد الرَّاء المفتوحة؛ وهي القمحة (مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله) محمَّدٌ رسول الله (وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ) بفتح الذَّال المُعجَمَة وتشديد الرَّاء المفتوحة، واحدة الذَّرِّ، وهو كما قال (٢) في «القاموس»: صغار النَّمل، ومئةٌ منها زِنَةُ حبَّة شعيرٍ. انتهى. ولغيره: أنَّ أربع ذَرَّاتٍ وزن خردلةٍ، أو هو الهباء الذي يظهر في شعاع الشَّمس مثل رؤوس الإبر؛ وهو (٣) السَّاقط من التُّراب بعد وضع كفِّك فيه ونفضها، ونُسِبَ هذا الأخير لابن عبَّاسٍ، فوزن الذَّرَّة هو التَّصديق الذي لا يجوز أن يدخله النَّقص، وما في البُرَّة والشَّعيرة من الزِّيادة على الذَّرَّة فإنَّما هو من زيادة الأعمال التي يكمل التَّصديق بها، وليست زيادة في نفس التَّصديق، قاله المُهلَّب، وقال في «الكواكب»: وإنَّما أضاف هذه الأجزاء التي في الشَّعيرة والبُرَّة الزَّائدة على الذَّرَّة إلى القلب لأنَّه لمَّا كان الإيمان التَّامُّ إنَّما هو قولٌ وعملٌ، والعمل لا يكون إلَّا بنيَّةٍ وإخلاصٍ من القلب فلذا جاز أن يُنسَب العمل إلى القلب إذ تمامه بتصديق القلب، فإن قلت: التَّصديق القلبيُّ كافٍ في الخروج إذ المؤمن لا يُخلَّد في النَّار، وأمَّا قوله: «لا إله إلَّا الله» فلإجراء


(١) في (م): «ما».
(٢) «قال»: سقط من (س).
(٣) في نسخة (ج): «أو هو».

<<  <  ج: ص:  >  >>