للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المزنيِّ، وجزم به عنه الخطابيُّ، وأسنده البيهقيُّ في «المعرفة» من طريق أبي حاتم الرَّازيِّ عن حرملةَ عن الشَّافعيِّ، لكن قال النوويُّ: تأويلُ اللَّامِ بمعنى: «على» هنا ضعيفٌ؛ لأنَّه أنكرَ الاشتراطَ، ولو كانت بمعنى: «على» لم ينكره، وأجاب آخرون: بأنَّه خاصٌّ بقصَّة عائشةَ لمصلحة قطع عادتهم، كما خُصَّ فسخُ الحجِّ إلى العمرةِ بالصَّحابةِ (١) لمصلحةِ بيانِ جوازِها في أشهُره، قال النوويُّ: وهذا أقوى الأجوبة، وتعقَّبه ابنُ دقيق العيد بأنَّ التَّخصيص لا يثبت إلَّا بدليلٍ، وأجاب آخرون: بأنَّ الأمر فيه للإباحة، وهو على وجه التَّنبيه على أنَّ ذلك لا ينفعهم، فوجوده كعدمه، فكأنَّه قال: اشترطي أو لا تشترطي فذلك لا يفيدُهم، ويؤيِّد هذا قوله في رواية أيمن الآتية -إن شاء الله تعالى- في محلِّه في آخر أبواب «المكاتب»: [خ¦٢٥٦٥] «اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا»، وقيل غير ذلك مما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في محالِّه، واختُلف هل يجوز بيع الكتابة (٢)؟ فقال المالكيَّة: يجوز بيع جميعها أو جزءٍ منها، فإن وفَّى المكاتب ما عليه من نجوم الكتابة للمشتري عَتَقَ، والولاء للأوَّل؛ لأنَّه قد انعقد له أوَّلًا، وإلَّا بأن عجز أو هلك قبل ذلك فهو رقيقٌ للمشتري، وقال الشَّافعيَّة: لا يصحُّ (ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ) أي: بعد الحمد والثَّناء (مَا بَالُ رِجَالٍ)؟ ما حالهم؟ وحذف الفاء في جواب «أمَّا» دليلٌ على جوازه، ومثله ما سبق في «الحجِّ» في «باب طواف القارن» [خ¦١٥٥٦] حيث قال: «وأمَّا الَّذين جمعوا بين الحجِّ والعمرة طافوا» بغير فاءٍ، لكنَّه نادرٌ (يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ؟! مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ) جواب «ما» الموصولة المتضمِّنة لمعنى الشَّرطِ (وَإِنْ كَانَ) المشروط (مِئَةَ شَرْطٍ) مبالغةٌ وتأكيدٌ (قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ) بالاتِّباع من الشُّروط المخالفة له (وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ) باتِّباع حدوده التي حدَّها، وليس أفعل التَّفضيل هنا على بابه؛ إذ لا مشاركة بين الحقِّ والباطل (وَإِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) وكلمة: «إنَّما» للحصر، فيستفاد منه إثبات الحكم للمذكور ونفيه عمَّا عداه، ولولا ذلك لما لزم من إثبات الولاء لمن أعتق نفيه عن غيره.


(١) «بالصَّحابة»: ليس في (ص)، وفي (م): «بالصحبة».
(٢) في (ج): «بيع المكاتبة»، وبهامشها: بخطِّه: «الكتابة».

<<  <  ج: ص:  >  >>