للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأواخر فلا نعرف قائلًا به، وميل الشَّافعيِّ إلى أنَّها ليلة الحادي والعشرين أو الثَّالث والعشرين لقوله في حديث أبي سعيدٍ السَّابق [خ¦٢٠١٨] وفيه: «فوكف المسجد في مُصلَّى النَّبيِّ ليلة إحدى وعشرين»، وحديث عبد الله بن أنيسٍ عند مسلمٍ: أنَّه قال: «أُرِيتُ (١) ليلة القدر ثمَّ أُنسِيتها، وأراني في صبيحتها أسجد في ماءٍ وطينٍ»، قال: فمُطِرت ليلة ثلاثٍ وعشرين، وعبارة الشَّافعيِّ في «الأمِّ» -كما نقله البيهقيُّ في «المعرفة» -: وتُطلَب ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، قال: وكأنِّي رأيت -والله أعلم- أقوى الأحاديث فيه ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاثٍ وعشرين، وقال الحنابلة: وأرجى الأوتار ليلة سبعٍ وعشرين، قال في «الإنصاف»: وهذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وهو من المفردات. انتهى. وبه جزم أبيُّ بن كعبٍ وحلف عليه كما في «مسلمٍ»، وفي حديث ابن عمر عند أحمد مرفوعًا: «ليلة القدر سبع وعشرين»، وحكاه الشَّاشيُّ من الشَّافعيَّة في «الحلية» عن أكثر العلماء، واستدلَّ ابن عبَّاسٍ على ذلك: بأنَّ الله خلق السَّموات سبعًا، والأرضين سبعًا، والأيَّام سبعًا، وأنَّ الإنسان خُلِق من سبعٍ، وجُعِل رزقه في سبعٍ، ويسجد على سبعة أعضاء، والطَّواف سبعٌ، والجمار سبعٌ … واستحسن ذلك عمر بن الخطَّاب، وقال ابن قدامة: إنَّ ابن عبَّاسٍ استنبط ذلك من عدد كلمات السُّورة، وقد وافقه أنَّ قوله فيها: ﴿هِيَ﴾ سابعُ كلمةٍ بعد العشرين، واستنبطه بعضهم من وجهٍ آخر فقال: ليلة القدر تسعة أحرفٍ، وقد أُعيدت في السُّورة ثلاث مرَّاتٍ، وذلك سبعٌ وعشرون، واستدلَّ أبيُّ بن كعبٍ على ذلك بطلوع الشَّمس في صبيحتها لا شعاع لها، ولفظ رواية مسلمٍ: أنَّه كان يحلف على ذلك ويقول بالآية والعلامة التي أخبرنا بها رسول الله : «أنَّ الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها»، وقد جاء أنَّ لليلة القدر علاماتٍ تظهر، فقيل: يرى كلَّ شيءٍ ساجدًا، وقيل: ترى (٢) الأنوار في كلِّ مكانٍ ساطعةً حتَّى في المواضع المظلمة، وقيل: يسمع سلامًا من الملائكة، وقيل: علامتها استجابة دعاء من وقعت له، وفي «كتاب فضائل رمضان»


(١) في غير (س) و (ص): «رأيت»، والمثبت موافقٌ لما في «صحيح مسلمٍ».
(٢) في (ب): «يرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>