للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأعمال شرطًا في الكمال، والمعتزلة جعلوها شرطًا في الصِّحَّة، فهذه ثمانية أقوالٍ؛ خمسةٌ منها بسيطةٌ، والأوَّل والثامن (١) مُركَّبٌ ثلاثيٌّ، والرَّابع مُركَّبٌ ثُنائيٌّ، ووجه الحصر: أنَّ الإيمان لا يخرج بإجماع المسلمين عن فعل القلب وفعل الجوارح، فهو حينئذٍ: إمَّا فعل القلب فقط؛ وهو المعرفة على الوجهين أو التَّصديق المذكور، وإمَّا فعل الجوارح فقط؛ وهو فعل اللِّسان وهو الكلمتان، أو غير فعل اللِّسان؛ وهو العمل بالطَّاعات المُطلَقة أو المُفترَضة، وإمَّا فعل القلب والجوارح معًا، والجارحة: إمَّا اللِّسان وحده، أو جميع الجوارح، وهذا كلُّه بالنَّظر إلى ما عند الله تعالى، أمَّا بالنَّظر إلى ما عندنا فالإيمان هو الإقرار فقط، فإذا أقرَّ حكمنا بإيمانه اتِّفاقًا. نعم؛ النِّزاع واقعٌ في نفس الإيمان والكمال، فإنَّه لابدَّ فيه من الثَّلاثة إجماعًا، فمن أقرَّ بالكلمة جرت عليه الأحكام في الدُّنيا، ولم يُحكَم بكفره، إلَّا إنِ اقترن به فعلٌ كالسُّجود لصنمٍ، فإن كان غير دالٍّ عليه كالفسق؛ فمن أطلق عليه الإيمان فبالنَّظر إلى إقراره، ومن نفى عنه الإيمان فبالنَّظر إلى (٢) كماله، ومن أطلق عليه الكفر فبالنَّظر إلى أنَّه فَعَل فِعْل الكافر، ومن نفاه عنه فبالنَّظر إلى حقيقته، وأثبت المعتزلة الواسطة، فقالوا: الفاسق لا مؤمنٌ ولا كافرٌ.

(وَ) إذا تقرَّر هذا؛ فاعلم أنَّ الإيمان (يَزِيدُ) بالطَّاعة (٣) (وَيَنْقُصُ) بالمعصية كما عند المؤلِّف [خ¦٢/ ١ - ١٠] وغيره، وأخرجه أبو نعيمٍ كذا بهذا اللَّفظ في ترجمة الشَّافعيِّ رحمه الله تعالى من «الحِلية»، وهو عند الحاكم بلفظ: الإيمان قولٌ وعملٌ، ويزيد وينقص، وكذا نقله اللَّالكائيُّ في «كتاب السُّنَّة» عن الشَّافعيِّ، وأحمد ابن حنبل، وإسحاق بن رَاهُوْيَه، بل قال به من الصَّحابة: عمر بن الخطاب، وعليُّ بن أبي طالبٍ، وابن مسعودٍ، ومعاذ بن جبلٍ، وأبو الدَّرداء، وابن عبَّاسٍ، وابن عمرَ، وعُمارةُ، وأبو هريرةَ، وحذيفةُ، وعائشةُ، وغيرهم ، ومن التَّابعين: كعب


(١) في (ص): «والثاني»، وهو تحريفٌ.
(٢) قوله: «إقراره، ومن نفى عنه الإيمان فبالنَّظر إلى» سقط من (ص).
(٣) في (ل): «يزيد بالأعمال».

<<  <  ج: ص:  >  >>