جاء به الرَّسول إجمالًا، وهو منقولٌ عن بعض الفقهاء، وقال الحنفيَّة: التَّصديق بالجَنَان، والإقرار باللِّسان، قال العلَّامة التَّفتازانيُّ: إلَّا أنَّ التَّصديق ركنٌ لا يحتمل السُّقوط أصلًا، والإقرار قد يحتمله كما في حالة الإكراه، فإن قلت: قد لا يبقى التَّصديق (١) كما في حالة النَّوم والغفلة، أُجِيب: بأنَّ التَّصديق باقٍ في القلب، والذُّهول إنَّما هو عن حصوله، وذهب جمهور المحقِّقين إلى أنَّه هو التَّصديق بالقلب، وإنَّما الإقرارُ شرطٌ لإجراء الأحكام في الدُّنيا، لما أنَّ تصديق القلب أمرٌ باطنيٌّ لابدَّ له من علامةٍ. انتهى.
وقال النَّوويُّ رحمه الله تعالى: اتَّفق أهل السُّنَّة من المحدِّثين والفقهاء والمتكلِّمين: أنَّ المؤمن الذي يُحكَم بأنَّه من أهل القبلة ولا يُخلَّد في النَّار لا يكون إلَّا من اعتقد بقلبه دين الإسلام اعتقادًا جازمًا خاليًا من الشُّكوك، ونطق مع ذلك بالشَّهادتين، فإن اقتصر على أحدهما لم يكن من أهل القبلة أصلًا، بل يُخلَّد في النَّار، إلَّا أن يعجز عن النُّطق لخللٍ في لسانه، أو لعدم التَّمكُّن منه لمعاجلة المنيَّة أو لغير ذلك، فإنَّه حينئذٍ يكون مؤمنًا بالاعتقاد من غير لفظٍ. انتهى.
وقالتِ الكرَّاميَّة: النُّطق بكلمتي الشَّهادة فقط، وقال قومٌ: العمل، وذهب الخوارج والعلَّاف وعبد الجبَّار إلى أنَّه الطَّاعات بأَسْرِها فرضًا كانت أو نفلًا، وذهب الجبَّائيُّ وابنه وأكثر المعتزلة البصريَّة إلى أنَّه الطَّاعات المُفترَضة من الأفعال والتُّروك دون النَّوافل، وقال الباقون منهم: العمل والنُّطق والاعتقاد، والفارق بينه وبين قول السَّلف السَّالف: أنَّهم جعلوا