للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشَّراب، أو من عطف العامِّ على الخاصِّ، لكن وقع عند ابن خزيمة: «ويدع زوجته من أجلي» فهو صريحٌ في الأوَّل، وأصرحُ منه ما وقع عند الحافظ سَمُّوْيَه (١): من الطِّعام والشَّراب والجماع (مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي) من بين سائر الأعمال، ليس للصَّائم فيه حظٌّ، أو لم يتعبَّد به أحدٌ غيري، أو هو (٢) سرٌّ بيني وبين عبدي يفعله خالصًا لوجهي. وفي «المُوطَّأ»: فالصِّيام -بفاء السَّببيَّة- أي: بسبب كونه لي أنَّه يترك شهوته لأجلي، أو أنَّ فيه صفة الصَّمَدانيَّة؛ وهي التَّنزيه عن الغذاء (وَأَنَا أَجْزِي) صاحبه (بِهِ) وقد عُلِم أنَّ الكريم إذا تولَّى الإعطاء بنفسه كان في ذلك إشارةٌ إلى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه، ففيه مضاعفة الجزاء من غير عددٍ ولا حسابٍ (وَ) سائر الأعمال (الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) زاد في روايةٍ في (٣) «المُوطَّأ»: إلى سبع مئة ضعفٍ، واتَّفقوا على أنَّ المرادَ بالصَّائم هنا مَنْ سلم صيامه من المعاصي، وحديث: الغِيبة تفطِّر الصَّائم على ما في «الإحياء» قال العراقيُّ: ضعيفٌ، بل قال أبو حاتمٍ: كذبٌ، نعم يأثم ويُمنَع ثوابه إجماعًا، ذكره السُّبكيُّ في «شرحه» وفيه نظرٌ لمشقَّة الاحتراز، لكن إِنْ أكثرَ توجَّهت المقالةُ، لا نصحًا وتظلُّمًا ونحوهما لحاكمٍ ونحوه، وأدنى درجات الصَّوم الاقتصار على الكفِّ عن المفطرات، وأوسطها أن يضمَّ إليه كفَّ الجوارح عن الجرائم (٤)، وأعلاها أن يضمَّ إليهما كفَّ القلب عن الوساوس، وقال بعضهم: معناه: الصَّوم لي لا لك، أي: أنا الذي لا ينبغي لي أن أطعم وأشرب، وإذا كان بهذه المثابة وكان دخولك فيه كوني شرعته لك فأنا أجزي به؛ كأنَّه يقول: أنا جزاؤه لأنَّ صفة التَّنزيه عن الطَّعام والشَّراب تطلبني، وقد تلبست بها، وليست لك لكنَّك اتَّصفت بها في حال


(١) في (م): «شهوته».
(٢) «هو»: ليس في (د).
(٣) «في»: ليس في (د ١).
(٤) في (د): «الحرام».

<<  <  ج: ص:  >  >>