للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّحر، وقال في «المعالم»: إنَّما أراد تطييب قلوب أصحابه لأنَّه كان يشقُّ عليهم أن يحلُّوا وهو محرمٌ، ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم ويتركوا الاقتداء به، فقال ذلك لئلَّا يَجِدوا في أنفسهم، وليعلموا أنَّ الأفضل في حقِّهم ما دعاهم إليه. ولا يُقال: إنَّ الحديث يدلُّ على أنَّ التَّمتُّع أفضل لأنَّه لا يتمنَّى إلَّا الأفضل لأنَّا نقول: التَّمنِّي هنا ليس لكونه أفضل مطلقًا، بل لأمرٍ خارجٍ، فلا يلزم من ترجيحه من وجهٍ ترجيحَه مطلقًا كما ذكره ابن دقيق العيد، فإن قلت: قد ورد عنه ما يقتضي كراهة قول: «لو» حيث قال : «لو: تفتح عمل الشَّيطان»، أُجيب بأنَّ المكروه استعمالها في التَّلهُّف على أمور (١) الدُّنيا: إمَّا طلبًا كقوله: لو فعلت كذا حصل لي كذا، وإمَّا هربًا كقوله: لو كان كذا وكذا؛ لما كان (٢) بي كذا وكذا (٣) لما في ذلك من صورة عدم التَّوكُّل ونسبة الأفعال إلى غير القضاء والقدر، أمَّا تمنِّي القربات -كما في هذا (٤) الحديث- فلا كراهة لانتفاء المعنى المذكور.

(وَحَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ المَنَاسِكَ كُلَّهَا) أتت بأفعال الحجِّ كلِّها (غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالبَيْتِ) أي: ولم تسعَ بين الصَّفا والمروة، وحذفه لأنَّ السَّعي لا بدَّ من تقديم طوافٍ عليه، فيلزم من نفيِه نفيَه، فاكتفى بنفي الطَّواف (فَلَمَّا طَهَُرَتْ) بفتح الهاء وضمِّها (طَافَتْ بِالبَيْتِ) أي: وَسَعَتْ بين الصَّفا والمروة (قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ تَنْطَلِقُونَ)؟ أي: أتنطلقون، فحُذِفت همزة الاستفهام (بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ) أي: العمرة التي فسخوا الحجَّ إليها، والحجَّة التي أنشؤوها من مكَّة (وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ) مفردٍ بلا عمرةٍ مفردةٍ (٥) كما وقع لهم؟ (فَأَمَرَ) النَّبيُّ (عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق (أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ) لتعتمر منه (فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الحَجِّ).

وهذا الحديث أخرجه أبو داود، وفيه: التَّحديث والعنعنة والقول، وذكر الإسناد من طريقين، ورواته كلُّهم بصريُّون إلَّا عطاءً؛ فمكِّيٌّ.


(١) في (ص): «أمر».
(٢) «كان»: مثبتٌ من (ص) و (م).
(٣) «لما كان بي كذا وكذا»: ليس في (م).
(٤) «هذا»: ليس في (د).
(٥) «مفردةً»: ليس في (د)، وفي (ص): «منفردةٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>