للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فَأَمَرَ النَّبِيُّ أَصْحَابَهُ) ممَّن ليس معه هديٌ (أَنْ يَجْعَلُوهَا) أي: الحجَّة التي أهلُّوا بها (عُمْرَةً) وهو معنى فسخ الحجِّ إلى العمرة (وَيَطُوفُوا) هو من عطف المُفصَّل على المجمل؛ مثل: توضَّأ وغسل وجهه، والمراد بالطَّواف هنا: ما هو أعمُّ من الطَّواف بالبيت والسَّعي بين الصَّفا والمروة، قال تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ [البقرة: ١٥٨] أو اقتصر على الطَّواف بالبيت لاستلزامه السَّعي بعده، والتَّقدير: فيطوفوا ويسعوا، فحُذِف اكتفاءً على أنَّه قد جاء في رواية التَّصريح بهما (ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا) بفتح أوَّله وكسر الحاء، أي: يصيروا حلالًا (إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ) استثناءٌ من قوله: «فأمر أصحابه» (فَقَالُوا) أي: المأمورون بالفسخ، ولغير أبي ذرٍّ: «قالوا»: (نَنْطَلِقُ) أي: أننطلق، فحذف همزة الاستفهام التَّعجبيِّ (إِلَى مِنًى، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ) منيًّا؟! هو من باب المبالغة، أي: أنَّه يفضي بنا إلى مجامعة النِّساء، ثمَّ نحرم بالحجِّ عقب ذلك، فنخرج وذَكَرُ أحدنا لقربه من الجماع يقطر منيًّا، وحالة الحجِّ تنافي التَّرفُّه وتناسب الشَّعث، فكيف يكون ذلك؟ (فَبَلَغَ ذلك) (١) أي: قولهم هذا، وليس في «اليونينيَّة» لفظ: «ذلك» (النَّبِيَّ ) بنصب: «النَّبيَّ» على المفعوليَّة (٢)، وفي روايةٍ: «فما ندري أشيءٌ بلغه من السَّماء أم شيءٌ من قِبَل النَّاس؟» (فَقَالَ) : (لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ) يجوز أن تكون «ما» موصولةً، أي: الذي، أو نكرةً موصوفةً، أي: شيئًا، وأيًّا كان فالعائد محذوفٌ، أي: استدبرته، أي: لو كنت الآن مستقبلًا زمن الأمر الذي استدبرته (مَا أَهْدَيْتُ) أي (٣): ما سقت الهدي (وَلَوْلَا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ؛ لَأَحَلَلْتُ) أي: بالفسخ (٤) لأنَّ وجوده مانعٌ من فسخ الحجِّ إلى العمرة، والتَّحلُّل منها والأمر الذي استدبره هو ما حصل لأصحابه من مشقَّة انفرادهم عنه بالفسخ، حتَّى (٥) إنَّهم توقَّفوا وتردَّدوا وراجعوه، أو المعنى: لو أنَّ الذي رأيت في الآخر وأمرتكم به من الفسخ عنَّ لي في أوَّل الأمر ما سقت الهدي لأنَّ سوقه يمنع منه لأنَّه لا ينحر إلَّا بعد بلوغه محلِّه يوم


(١) في (ج): شطب على قوله: «ذلك».
(٢) في (د): «نُصِبَ على المفعوليَّة».
(٣) «أي»: مثبتٌ من (م).
(٤) «أي: بالفسخ»: ليس في (د).
(٥) في (د): «ثمَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>