للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنَّما نقله عنه، بناءً على ما فهمه، ويكون قوله : «تظلمون خالدًا» أي: بنسبتكم إيَّاه إلى المنع، وهو لم يمنع، وكيف يمنع الفرض وقد تطوَّع بوقف خيله وسلاحه؟! أو يكون احتسب له ما فعله من ذلك من الزَّكاة؛ لأنَّه في سبيل الله، وذلك من مصارف الزَّكاة، لكن يلزم منه إعطاء الزَّكاة لصنفٍ واحدٍ، وهو قول مالكٍ وغيره؛ خلافًا للشَّافعيِّ في وجوب قسمتها على الأصناف الثَّمانية، وقد سبق استدلال البخاريِّ به على إخراج العروض في الزَّكاة، واستشكله ابن دقيق العيد بأنَّه إذا حُبِس (١) على جهةٍ مُعيَّنةٍ؛ تعيَّن صرفه إليها واستحقَّه أهلُ تلك الصِّفة مضافًا إلى جهة الحبس، فإن كان قد طلب من خالدٍ زكاة ما حبسه (٢) فكيف يمكن ذلك مع تعيُّن ما حبسه لمصرفه؟ وإن كان طلب منه زكاة المال الذي لم يحبسه من العين والحرث والماشية فكيف يُحاسَب بما وجب عليه في ذلك؟ وقد تعيَّن صرف ذلك المحبس إلى جهته، ثمَّ انفصل عن ذلك باحتمال أن يكون المراد بالتَّحبيس الإرصاد لذلك لا الوقف، فيزول الإشكال، لكنَّ هذا الإشكال إنَّما يتأتَّى على القول بأنَّ المراد بالصَّدقة المفروضةُ، أمَّا على القول بأنَّ المرادَ التَّطوُّعُ، فلا إشكال كما لا يخفى.

(وَأَمَّا العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ فَعَمُّ رَسُولِ اللهِ ) وللحَمُّويي والكُشْمِيْهَنِيِّ: «عمُّ» بغير فاءٍ، وفي وصفه بأنَّه عمُّه تنبيهٌ على تفخيمه واستحقاق إكرامه، ودخول اللَّام على «عبَّاسٍ» مع كونه علمًا؛ لِلَمْحِ الصِّفة (فَهْيَ) أي: الصَّدقة المطلوبة منه (عَلَيْهِ صَدَقَةٌ) ثابتةٌ سيتصدَّق بها (وَمِثْلُهَا مَعَهَا) أي: ويضيف إليها مثلها كرمًا منه، فيكون النَّبيُّ ألزمه بتضعيف صدقته؛ ليكون ذلك أرفعَ لقدره وأنبهَ لذكره وأنفى للذَّبِّ (٣) عنه، أو المعنى: أنَّ أمواله كالصَّدقة عليه؛ لأنَّه استدان في مُفاداة نفسه وعقيلٍ، فصار من الغارمين الذين لا تلزمهم الزَّكاة، وهذا التَّأويل على تقدير ثبوت لفظة (٤) «صدقة»، واستبعدها البيهقيُّ؛ لأنَّ العبَّاس من بني هاشمٍ فتحرم عليهم الصَّدقة، أي (٥): وظاهر هذا الحديث أنَّها صدقةٌ عليه ومثلها معها،


(١) في (د) و (م): «احتبس».
(٢) في (م): «احتبسه».
(٣) في (د): «للذَّمِّ»، وكذا في «الفتح».
(٤) في (د): «لفظ».
(٥) «أي»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>