للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللَّيل تطوُّعًا بعد فريضةٍ، وقال (١) البرهان النَّسفيُّ في «الشِّفاء» (٢): أمَرَه أن يختار على الهجود التَّهجُّد، وعلى التَّزمُّل التَّشمُّر للعبادة، والمجاهدة في الله تعالى، فلا جرم أنَّه قد تشمَّر لذلك وأصحابه حقَّ التَّشمُّر (٣)، وأقبلوا (٤) على إحياء لياليهم، ورفضوا الرُّقاد والدَّعة، وجاهدوا فيه (٥) حتَّى انتفخت أقدامهم، واصفرَّت ألوانهم، وظهرت السِّيما على وجوههم، حتَّى رحمهم ربُّهم، فخفَّف عنهم، وحكى الشَّافعيُّ عن بعض أهل العلم: أنَّ آخر السُّورة نسخ افتراضَ قيام اللَّيل إلَّا ما تيسَّر منه؛ لقوله: ﴿فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ [المزمل: ٢٠] ثم نُسِخَ فرض ذلك بالصَّلوات الخمس. (﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾) أي: اقرأه مترسِّلًا (٦)، بتبيين الحروف وإشباع الحركات من غير إفراط، وقال أبو بكر بن طاهرٍ: تدبَّر لطائف خطابه، وطالِبْ نفسك بالقيام بأحكامه، وقلبَك بفهم معانيه، وسرَّك بالإقبال عليه (﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾) أي: القرآن؛ لثقل العمل به، أخرجه ابن أبي حاتم عن الحسن، أو: ثقيلًا في الميزان يوم القيامة، أخرجه عنه أيضًا من طريق أخرى (﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾) مصدرٌ: من «نشأ» إذا قام ونهض (﴿هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا﴾) بكسر الواو وفتح الطَّاء ممدودًا؛ كما في قراءة أبي عمرٍو وابن عامرٍ، والباقون بفتح الواو وسكون الطَّاء من غير مدٍّ، أي: قيامًا (﴿وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾) أشدُّ مقالًا، وأثبت قراءةً؛ لهدوء الأصوات، وقيل: أعجلُ إجابةً للدُّعاء (﴿إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا﴾ [المزمل: ٣ - ٧]): تصرُّفًا وتقلُّبًا في مهمَّاتك وشواغلك، وعن السُّدِّيِّ: تطوُّعًا كثيرًا، وقال السَّمرقنديُّ: فراغًا طويلًا تقضي حوائجك فيه؛


(١) في (س): «وبه قال».
(٢) «في الشِّفاء»: زيد في غير (ص) و (م).
(٣) في (د): «التشمير».
(٤) في (م): «واصلوا».
(٥) في غير (ص) و (م): «في الله».
(٦) في (د) و (ص): «مترتِّلًا»، وفي (ب) و (س): «مرتِّلًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>