بَهْزُ بن حكيمٍ عن أبيه عن جدِّه:«الله أحقُّ أن يُستَحيا منه من النَّاس»[خ¦٥/ ٢٠ - ٤٦٩]، فإنَّه حديثٌ حسنٌ مشهورٌ عن بَهْزٍ، أخرجه أصحاب السُّنن، وقد يكون ضعيفًا، لا من جهة قدحٍ في رجاله، بل من جهة انقطاعٍ يسيرٍ في إسناده؛ كقوله في «كتاب الزَّكاة»: وقال طاوسٌ: قال معاذ بن جبلٍ لأهل اليمن: «ائتوني بعَرَضٍ ثيابٍ خَمِيْصٍ، أو لَبِيْسٍ في الصَّدقة مكان الشَّعير والذُّرة، أهونُ عليكم وخيرٌ لأصحاب محمَّدٍ ﷺ»[خ¦٢٤/ ٣٣ - ٢٢٧٩]، فإنَّ إسناده إلى طاوسٍ صحيحٌ، إلَّا أنَّ طاوسًا لم يسمع من معاذ.
وأمَّا ما يذكره بصيغة التَّمريض؛ فلا يُستَفَاد منه الصِّحَّة عن المضاف إليه، لكن فيه ما هو صحيحٌ، وفيه ما ليس بصحيحٍ، فالأوَّل: لم يوجد فيه ما هو على شرطه إلَّا في مواضعَ يسيرةٍ جدًّا، ولا يذكرها إلَّا حيث يذكر ذلك الحديث المعلَّق بالمعنى ولم يجزم بذلك؛ كقوله في «الطِّبِّ»: ويذكر عن النَّبيِّ ﷺ في الرُّقَى بفاتحة الكتاب [خ¦٥٧٣٦]، فإنَّه أسنده في موضعٍ آخرَ من طريق عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مُليكة عن ابن عبَّاسٍ:«أنَّ نفرًا من أصحاب النَّبيِّ ﷺ مرُّوا بحيٍّ فيه لديغٌ … »[خ¦٥٧٣٧]، فذكر الحديث في رقيتهم للرَّجل بفاتحة الكتاب، وفيه قوله ﷺ لمَّا أخبروه بذلك:«إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله»، فهذا لمَّا أورده بالمعنى؛ لم يجزم به؛ إذ ليس في الموصول أنَّه ﷺ ذكر الرُّقية بفاتحة الكتاب، إنَّما فيه أنَّه لم ينههم عن فعلهم، فاستُفيد ذلك من تقريره.