للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سمعه وشكَّ في سماعه له من شيخه، أو سمعه مذاكرةً فلم يَسُقْهُ مَسَاق الأصل، وغالب هذا فيما أورده عن مشايخه، فمن ذلك: أنَّه قال في «كتاب الوكالة»: قال عثمان بن الهيثم: حدَّثنا عوفٌ حدَّثنا محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة قال: «وكَّلني رسول الله بزكاة رمضان … » الحديث بطوله [خ¦٢٣١١]، وأورده في مواضع أُخَر؛ منها: في «فضائل القرآن» [خ¦٥٠١٠] وفي «ذكر إبليس» [خ¦٣٢٧٥]، ولم يقل في موضعٍ منها: حدَّثنا عثمان، فالظَّاهر أنَّه لم يسمعه منه، وقد استعمل البخاريُّ هذه الصِّيغة فيما لم يسمعه من مشايخه في عدَّة أحاديث، فيوردها عنهم بصيغة: «قال فلانٌ»، ثمَّ يوردها في موضعٍ آخرَ بواسطةٍ بينه وبينهم، ويأتي لذلك أمثلةٌ كثيرةٌ في مواضعها. فقال في «التَّاريخ»: قال إبراهيم بن موسى: حدَّثنا هشام بن يوسف … ، فذكر حديثًا، ثمَّ قال: حدَّثوني بهذا عن إبراهيم، ولكن ليس ذلك مطَّردًا في كل ما أورده بهذه الصِّيغة، لكن مع هذا الاحتمال لا يَجْمُل حمل جميع ما أورده بهذه الصِّيغة (١) على أنَّه سمع ذلك من شيوخه، ولا يلزم من ذلك أن يكون مدلِّسًا عنهم، فقد صرَّح الخطيب وغيره بأنَّ لفظ «قال» لا يُحمَل على السَّماع إلَّا ممَّن عُرِفَ من عادته أنَّه لا يطلق ذلك إلَّا فيما سمع، فاقتضى ذلك أنَّ من لم يُعرَف ذلك من عادته كان الأمر فيه على الاحتمال.

وأمَّا ما لا يلتحق بشرطه: فقد يكون صحيحًا على شرط غيره؛ كقوله في «الطَّهارة»: وقالت عائشة: «كان النَّبيُّ (٢) يذكر الله على كلِّ أحيانه» [خ¦٦/ ٧ - ٥١٠] فإنَّه حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ، أخرجه في «صحيحه»، وقد يكون حسنًا صالحًا للحجَّة؛ كقوله فيها: وقال


(١) سقط من (ص) قوله: «لكن مع هذا الاحتمال لا يجمل حمل جميع ما أورده بهذه الصِّيغة».
(٢) في غير (ص): «رسول الله»، والمُثبت موافقٌ لما في الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>