للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويؤيِّد هذا ما رواه النَّسائيُّ عن موسى بن عقبة عن أبي الزِّناد: «ثمَّ يعرج الَّذين كانوا فيكم»، بل في حديث الأعمش عن أبي (١) صالحٍ عن أبي هريرة عند ابن خزيمة في «صحيحه» مرفوعًا ما يغني عن كثيرٍ من الاحتمالات، ولفظه: «يجتمع ملائكة اللَّيل وملائكة النَّهار في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون في صلاة الفجر، فتصعد ملائكة اللَّيل فتبيت (٢) ملائكة النَّهار، ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النَّهار وتبيت ملائكة اللَّيل».

(فَيَسْأَلُهُمْ) تعبُّدًا لهم كما تعبَّدهم بكتب أعمالهم (وَهْوَ أَعْلَمُ بِهِمْ) أي: بالمصلِّين من الملائكة، فحذف صلة «أَفْعل» التَّفضيل، ولابن عساكر: «فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بهم»: (كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ) الواو للحال، لكنَّه استُشكِل لأنَّه يلزم منه مفارقتهم قبل أن يشهدوها معهم، والحديث صرَّح بأنَّهم شهدوها معهم، وأُجيب بالحمل على شهودهم لها مع المصلِّي لها أوَّل وقتها، أوشهدوا من دخل فيها ومن شرع في أسبابها بعد ذلك، والمنتظر لها في حكم مصلِّيها، وهذا آخر الجواب عن سؤالهم: «كيف تركتم» ثمَّ زادوا في الجواب لإظهار فضيلة المصلِّين والحرص على ذكر (٣) ما يوجب مغفرة ذنوبهم فقالوا: (وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ) ولمَّا كان المراد الإخبار عن صلاتهم -والأعمال بخواتيمها- حَسُنَ أن يُخبِروا عن آخر أعمالهم قبل أوَّلها.

ورواة هذا الحديث مدنيُّون إلَّا شيخ المؤلِّف فتنِّيسيٌّ، وفيه: التَّحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦٧٤٢٩]، ومسلمٌ في «الصَّلاة» وكذا النَّسائيُّ فيها وفي «البعوث».


(١) «أبي»: سقط من جميع النُّسخ.
(٢) في غير (د) و (م): «وتثبت»، وكذا في الموضع اللَّاحق.
(٣) «ذكر»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>