للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيسرٍ آخر لقوله (١): «لن يغلب عسرٌ يسرين»، فإنَّ «العسر» مُعرَّفٌ فلا يتعدَّد، وسواءٌ كان للعهد أو للجنس، و «اليسر» مُنكَّرٌ، فيحتمل أن يُراد بالثَّاني فردٌ ما (٢) يغاير ما أُريد بالأوَّل، والمراد بـ «الملائكة» الحفظة عند الأكثرين، وتُعقِّب بأنَّه لم يُنقَل أنَّ الحفظة يفارقون العبد، ولا أنَّ حفظة اللَّيل غير حفظة النَّهار (وَيَجْتَمِعُونَ فِي) وقت (صَلَاةِ الفَجْرِ وَ) وقت (صَلَاةِ العَصْرِ) فإن قلت: التَّعاقب يغاير الاجتماع؟ أُجيب بأنَّ تعاقب الصِّنفين لا يمنع اجتماعهما لأنَّ التَّعاقب أعمُّ من أن يكون معه اجتماعٌ (٣) كهذا (٤)، أوْ لا يكون معه اجتماعٌ كتعاقب الضِّدَّين، أوِ المُراد: حضورهم معهم الصَّلاة في الجماعة، فيُنزَّل على حالين، وتخصيص اجتماعهم في الورود وفي (٥) الصُّدور بأوقات العبادة تكرمةً للمؤمنين (٦) ولطفًا بهم لتكون شهادتهم بأحسن الثَّناء وأطيب الذِّكر، ولم يجعل اجتماعهم معهم في حال خلواتهم بلذَّاتهم، وانهماكهم على شهواتهم، فللَّه الحمد.

(ثمَّ يَعْرُجُ) الملائكة (الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ) أيُّها المصلُّون، وذكر الَّذين باتوا دون الَّذين ظلُّوا إمَّا للاكتفاء بذكر أحد المثلين عن الآخر نحو: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: ٨١] أي: والبرد، وإمَّا لأنَّ طرفَي النَّهار يُعلَم من طرفَي اللَّيل، وإمَّا لأنَّه استعمل «بات» في «أقام» مجازًا، فلا يختصُّ ذلك بليلٍ دون نهارٍ، ولا نهارٍ دون ليلٍ، فكلُّ طائفةٍ منهم إذا صعدت سُئِلت،


(١) في (ص) و (م): «كقوله».
(٢) «ما»: ليس في (د).
(٣) في (ص): «إجماع».
(٤) في (ب) و (د) و (م): «هكذا».
(٥) «في»: مثبتٌ من (ص).
(٦) في غير (ص): «بالمؤمنين».

<<  <  ج: ص:  >  >>