للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ممكنةٌ في أنفسها (١)؛ إذ لا يلزم من فرض وقوعها محالٌ لذاته مع إخبار الصَّادق عنها، فأجمع المسلمون (٢) عليها قبل ظهور المخالف عليها، والله تعالى قادرٌ على أن يعرِّف عباده مقادير أعمالهم وأقوالهم يوم القيامة بأيِّ طريقٍ شاء؛ إمَّا بأن يجعل الأعمال والأقوال أجسامًا، أو يجعلها في أجسام، وقد روى بعض المتكلِّمين عن ابن عبَّاسٍ : أنَّ الله تعالى يقلب الأعراض أجسامًا، فيزنها أو توزن صحفها، ويؤيِّد هذا حديث البطاقة المرويِّ في «التِّرمذيِّ» وقال: حسنٌ غريبٌ، وابن ماجه وابن حبَّان في «صحيحه» والحاكم والبيهقيِّ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص : أنَّ رسول الله قال: «إنَّ الله يستخلص رجلًا من أمَّتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعةً وتسعين سجلًّا، كلُّ سجلٍّ مثل مدِّ البصر، ثمَّ يقول: أتنكر من هذا شيئًا؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا ربِّ، فيقول: أَفَلَكَ (٣) عذرٌ؟ فيقول (٤): لا يا ربِّ، فيقول الله تعالى: بلى، إنَّ لك عندنا حسنةً، فإنَّه لا ظلمَ عليك، فيخرِج بطاقةً فيها (٥) أشهد أن لا إله إلَّا الله وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله، فيقول: احضر وزنك، فيقول: يا ربِّ ما هذه البطاقة مع هذه السِّجلَّات؟ فيقول (٦): فإنَّك لا تُظلَم، فتُوضَع السِّجلَّاتُ في كفَّةٍ والبطاقةُ في كفَّةٍ، فطاشت السِّجلَّات وثقلت البطاقة، فلا يثقل مع اسم الله شيءٌ» وقال ابن ماجه بدل قوله: «إنَّ الله يستخلص رجلًا من أمَّتي»: «يُصاح برجلٍ من أمَّتي» وقال محمَّد بن يحيى: البطاقة الرُّقعة، وهذا يدلُّ على الميزان الحقيقيِّ، وأنَّ الموزون صحف (٧) الأعمال، ويكون رجحانها باعتبار كثرة ما كُتِب فيها، وخِفَّتُها بقلَّته فلا إشكال، وقيل: إنَّه ميزانٌ كميزان الشّعر، وفائدته: إظهار العدل والمبالغة في الإنصاف، ولو جاز حمله على ذلك لجاز حمل الصِّراط على الدِّين الحقِّ، والجنَّة والنَّار على ما يَرِدُ على الأرواح دون الأجساد من الأحزان والأفراح، وهذا كلُّه فاسدٌ؛ لأنَّه رُدَّ لما جاء به الصَّادق على ما لا يخفى، فإن قلت: أهل القيامة إمَّا أن يكونوا


(١) في (ب) و (س): «نفسها».
(٢) في (د): «المتكلمون».
(٣) في (د): «ألك».
(٤) في غير (د): «فقال».
(٥) في (ع): «وبها».
(٦) في (ص) و (ع): «فيقال».
(٧) في (ع): «صحائف».

<<  <  ج: ص:  >  >>