للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالث الشَّهر، وجُمِعَ بأنَّ القائل بالأوَّل قال: كانت خفيفةً إلى ليلة الثُّلاثاء بيومها، ثمَّ ظهرت ظهورًا اشترك فيه الخاصُّ والعامُّ، واشتدَّت حركتها، وعظمت رجفتها، وارتَّجتِ الأرض بمَن عليها، وعجَّت الأصوات لباريها، تتوَّسل أن ينظر إليها، ودامت حركةً بعد حركة، حتَّى أيقن أهل المدينة بالهلكة، وزُلزِلوا زلزالًا شديدًا، فلمَّا كان يوم الجمعة في (١) نصف النَّهار؛ ثار في الجوِّ دخانٌ متراكم، أمره متفاقمٌ، ثمَّ شاع شعاع النَّار، وعلا حتَّى غشَّى الأبصار، وقال القرطبيُّ في «تذكرته»: كان بدؤها زلزلةً عظيمةً ليلة الأربعاء ثالث جُمادى الآخرة سنة أربعٍ وخمسين وستِّ مئةٍ إلى ضحى النَّهار يوم الجمعة، فسكنت (٢) بقريظة عند قاع التَّنعيم بطرف الحرَّة تُرَى (٣) في صورة البلد العظيم، عليها سورٌ محيطٌ بها، عليه شراريف كشراريف الحصون، وأبراجٌ ومآذن، ويُرَى رجالٌ يقودونها، لا تمرُّ على جبلٍ إلَّا دكَّته وأذابته، ويخرج من مجموع ذلك نهرٌ أحمر، ونهرٌ أزرق، له دويٌّ كدويِّ الرَّعد يأخذ الصُّخور والجبال بين يديه، وينتهي إلى محطِّ الرَّكب العراقيِّ، فاجتمع من ذلك ردمٌ صار كالجبل العظيم، وانتهتِ النَّار إلى قرب المدينة، وكان يأتي المدينة ببركة النَّبيِّ نسيمٌ باردٌ، ويُشاهد من هذه النَّار غليانٌ كغليان البحر، وانتهت إلى قريةٍ من قرى اليمن فأحرقتها، وقال لي (٤) بعض أصحابنا: لقد رأيتها صاعدةً في الهواء من نحو خمسة أيَّامٍ من المدينة، وسمعت أنَّها رُئيَتْ (٥) من مكَّة ومن جبال بصرى. وقال أبو شامة: وردت كتبٌ من المدينة؛ في بعضها أنَّه ظهر نارٌ بالمدينة انفجرت من الأرض، وسال منها وادٍ من نارٍ حتَّى حاذى جبل أُحُدٍ، وفي (٦) أُخَر سَال منها وادٍ يكون (٧) مقداره أربعة (٨) فراسخ، وعرضه أربعة أميالٍ، يجري على وجه الأرض، يخرج منه (٩) مهادٌ وجبالٌ صغارٌ، وقال في «جمل الإيجاز»: وحكى


(١) «في»: ليس في (د) و (ص) و (ع).
(٢) زيد في (د): «وظهرت النَّار».
(٣) في (د): «على».
(٤) «لي»: ليس في (ص) و (ع).
(٥) في غير (ب) و (د) و (س): «أُرِيَتْ».
(٦) زيد في (ع): «جبلٍ»، والمراد: الكُثب.
(٧) «يكون»: ليس في (ب) و (س).
(٨) في (د): «أربع»، وفي (ع): «خمسة».
(٩) في غير (ص): «منها»، وسقط من (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>