للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملكُ لعلَّه يخلِّصني من هذه الورطةِ، وقال أبو حيَّان : إنَّما قال يوسف للسَّاقِي ذلك؛ ليتوصَّل إلى هدايتهِ وإيمانهِ بالله، كما توصَّل إلى إيضاحِ الحقِّ للسَّاقي ورفيقهِ (﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾) أي: أنسى الشَّرابيَّ (﴿ذِكْرَ رَبِّهِ﴾) أن يذكرَ (١) يوسفَ للملك، وقيل: فأنسَى يوسفَ ذكرَ الله حتَّى ابتغَى الفرجَ من غيرهِ واستعانَ بمخلوقٍ. وعندَ ابنِ جرير عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله : «لو لم يقلْ -يعني: يوسفَ- الَّتي (٢) قال ما لبث في السِّجن طولَ ما لبثَ، حيث يبتغِي الفرجَ من عند غيرِ الله (٣)»، وهذا الحديث ضعيفٌ جدًّا، فإنَّ في إسناده (٤) سفيانُ بن وكيعٍ وهو ضعيفٌ، وإبراهيمُ بن يزيد الخوزيُّ، وهو أضعفُ من سفيان، فالصَّواب أنَّ الضَّمير في قولهِ: ﴿فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾ عائدٌ على النَّاجي كما قاله مجاهدٌ وغير واحدٍ (﴿فَلَبِثَ﴾) يوسفُ (﴿فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ﴾) ما بين الثَّلاث إلى التِّسع (٥). قال وهبٌ: مكثَ يوسفُ سبعًا وقال الضَّحَّاك: عن ابن عبَّاسٍ: اثنتَي عشْرة سنةً، وقيل: أربع عشرة سنةً (﴿وَقَالَ الْمَلِكُ﴾) ملك مصر الرَّيَّان بن الوليد: (﴿إِنِّي أَرَى﴾) في المنام (﴿سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾) خرجْنَ من نهرٍ يابسٍ (﴿يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ﴾) أي: سبعُ بقراتٍ (﴿عِجَافٌ﴾) مَهازيل (﴿وَ﴾) أرى (﴿سَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ﴾) قد انعقدَ حَبُّها (﴿وَ﴾) سبعًا (﴿أُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾) قد أدركت، فالْتَوَتِ اليابساتُ على الخُضر حتَّى غلبنَ عليها (٦)، فاستعبرها فلم يجدْ في قومه من يحسنُ عبارتها. قيل: كان ابتداءُ بلاء يوسف في الرُّؤيا، ثمَّ كان سبب نجاته أيضًا الرُّؤيا، فلمَّا دنا فرجُه رأى الملكُ هذه الرُّؤيا الَّتي هالته، فجمعَ أعيان العلماء والحُكماء من قومه وقصَّ عليهم رُؤياه فقال: (﴿يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ﴾) عبِّروها (﴿إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ﴾) إن كنتُم عالمين بعبارة الرُّؤيا، واللَّام في «للرُّؤيا» للبيان (﴿قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾) أي: هذهِ أضغاثُ أحلامٍ، وهي تخاليطُها (﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾) يعنون بالأحلامِ المنامات الباطلة، أي: ليس عندنا تأويلٌ إنَّما التَّأويلُ للمناماتِ الصَّحيحةِ، أو اعترفوا بقصورِ علمِهم وأنَّهم (٧)


(١) في (ع) و (د): «أي ذكر».
(٢) في (د): «الذي».
(٣) في (ع) و (د): «غيره».
(٤) في (د): «فإن إسناده فيه».
(٥) في (ع) و (د): «السبع».
(٦) في (د): «عليهن».
(٧) في (د): «فإنهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>