للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خَمْرًا﴾) عنبًا تسميةً له بما يؤولُ إليه، وقرأها ابنُ مسعودٍ: (إنِّي أراني أعصر عنبًا) (﴿وَقَالَ الآخَرُ﴾) وهو الخبَّاز مخلث -بالخاء (١) المعجمة وبعد اللام مثلَّثة-، وقيل: راشان (﴿إِنِّي أَرَانِي﴾) في المنام (﴿أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ﴾) تنهشُ منه (﴿نَبِّئْنَا﴾) أخبرنَا (﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾) بتفسيرهِ وتعبيرهِ وما يؤولُ إليه (﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾) الَّذين يحسنونَ عبارةَ الرُّؤيا، وتأويله أنَّ الأنبياء يخبرون عمَّا سيكون، والرُّؤيا تدلُّ على ما سيكون (﴿قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾) في نَومكما (﴿إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾) في اليقظةِ (٢) (﴿قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا﴾) أو: لا يأتيَكمَا في اليقظةِ ﴿طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ من منازلِكُمَا ﴿تُرْزَقَانِهِ﴾ تُطْعَمانه وتأكُلانهِ إلَّا أخبرتُكُما بقَدْره ولونهِ والوقتِ الَّذي يصل إليكما قبل أنْ يصلَ، وأيَّ طعامٍ أكلتُم ومتى أكلتُم، وهذا مثلُ معجزةِ عيسى، حيثُ قال: ﴿وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ [آل عمران: ٤٩] (﴿ذَلِكُمَا﴾) التَّأويل والإخبارُ بالمغيبات (﴿مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾) بالإلهامِ والوحي ولم أقلْه عن تكهُّنٍ وتنجُّمٍ (﴿إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾) يحتمل أن يكون كلامًا مبتدأ، وأنْ يكون تعليلًا لسابقهِ، أي: علَّمني ذلك لأنِّي تركت ملَّة أولئك الكفَّار (٣) (﴿وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ﴾) وهي الملَّة الحنيفيَّة، وذكرَ الآباءَ؛ ليعلِّمهما أنَّه من بيت النُّبوَّة لتقوَى رغبتهما في الاستماعِ إليه، والمراد التَّرك ابتداءً لا أنَّه كان فيه ثمَّ ترك، يقول: هجرتُ طريق الكفرِ والشِّرك، وسلكتُ طريقَ آبائي المرسلين صلواتُ الله وسلامه عليهم أجمعين، وهكذا يكون حال من سلكَ طريقَ (٤) الهدى، واتَّبع طريق المرسلين، وأعرضَ عن الضَّالِّين، فإنَّه يهدي قلبه ويعلِّمه ما لم يكنْ يعلم، ويجعله إمامًا يهتدى به في الخيرِ، وداعيًا إلى سبيل الرَّشاد (﴿مَا كَانَ لَنَا﴾) ما صحَّ لنا معاشر الأنبياءِ (﴿أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ﴾) أيَّ شيءٍ كان صنمًا أو غيره (﴿ذَلِكَ﴾) أي: التَّوحيد (﴿مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾) فضلَ الله تعالى فيشركونَ به ولا ينتبهون (٥)، ثمَّ دَعاهما إلى الإسلامِ وأقبلَ (٦) عليهما وكان بين أيديهما أصنامٌ


(١) في (ص): «مثلث الخاء».
(٢) في (د): «﴿إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا﴾ في اليقظة ﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾».
(٣) «الكفار»: ليست في (ع) و (ص) و (د).
(٤) «طريق»: ليست في (د).
(٥) في (س): «ينتهون»، وفي (ص): «ولا يتنبَّهون».
(٦) في (د): «فأقبل».

<<  <  ج: ص:  >  >>