للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«أولست» بالمثنَّاة الفوقية بعد السين (قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ) ممَّن دخل الجنَّة، فهو لفظٌ عامٌّ أُريد به الخاصُّ، ومرادُه: أنَّه يصيرُ إذا استمرَّ خارجًا عن (١) الجنَّة أشقاهم، وكونه أشقاهُم ظاهرٌ لو استمرَّ خارج الجنَّة وهُم من داخلها (فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ) الله ﷿ منه، وهو مجازٌ عن لازمه، وهو الرِّضا (فَإِذَا ضَحِكَ) رضي (مِنْهُ أَذِنَ) بفتح الهمزة (لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ: تَمَنَّ) ولأبي ذرٍّ: «قيل له: تمنَّ» (مِنْ كَذَا) أي: من الجنس الفلانيِّ. وقال المظهريُّ: «مِن» فيه للبيان؛ يعني: تمنَّ من كلِّ جنسٍ ما تشتهِي منه. قال الطِّيبيُّ: ونحوه ﴿يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ﴾ [نوح: ٤] ويُحتمل أن تكون «من» زائدة في الإثبات على مذهبِ الأخفش (فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ) وفي رواية أبي سعيدٍ عند أحمد: «فيسأل ويتمنَّى مقدارَ ثلاثة أيَّامٍ من أيَّام (٢) الدُّنيا» وفي رواية «التَّوحيد» [خ¦٧٤٣٧] «حتَّى إنَّ الله ليذكره كذا (٣) من كذا» (فَيَقُولُ) أي: الله: (هَذَا) وللكُشميهنيِّ: «فيقول له هذا» (لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ).

(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) بالسَّند السَّابق: (وَذَلِكَ الرَّجُلُ) المذكور (آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا) الجنَّة.

(قَالَ عَطَاءٌ) بن يزيد الرَّاوي: (وَأَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ) سقط لأبي ذرٍّ «الخدريُّ» (جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ) وهو يُحدِّث بهذا الحديث (لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ) ولا يردُّه عليه (حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَفِظْتُ: مِثْلُهُ مَعَهُ) أي: هذا لك ومثلُه معه، وجمع القاضِي عياض بينهمَا باحتمالِ أن يكون أبو هريرةَ سمع أوَّلًا قوله: «ومثله معَه» فحدَّث به، ثمَّ إنَّ النَّبيَّ حدَّث بالزِّيادة فسمعَه أبو سعيدٍ، والله أعلم.

والحديثُ أخرجهُ أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦٧٤٣٨]، ومسلمٌ في «الإيمان»، والنَّسائيُّ في «الصَّلاة والتَّفسير».


(١) في (ع): «من».
(٢) «أيام»: ليست في (د).
(٣) «كذا»: ليست في (ع) و (ص) و (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>