للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّار فيما حولها (١) لا هي نفسها، لكن يجعل إشراق ضوء النَّار بمنزلةِ إشراق النَّار في نفسِها؛ لأنَّ ضوء النَّار لمَّا كان محيطًا بالمستوقد مشرقًا (٢) فيما حوله غاية الإشراق، أسند الفعل إلى النَّار نفسها إسنادًا للفعلِ إلى الأصلِ، كقولهم: بنى الأميرُ المدينة، قاله في «فتوح الغيب»، وجوابُ «فلمَّا» قوله: (جَعَلَ الفَرَاشُ) بفتح الفاء والراء المخففة وبعد الألف معجمة، دوابّ مثل البعوضِ في الأصل (٣)، واحدتها: فراشةٌ، وهي الَّتي تطيرُ وتتهافتُ في السِّراج بسبب ضعفِ أبصارها، فهي بسببِ ذلك تطلبُ ضوء النَّهار، فإذا رأت السِّراج باللَّيل ظنَّتْ أنَّها في بيتٍ مظلمٍ وأنَّ السِّراج كوَّةٌ في البيتِ المظلم إلى الموضعِ المضيء، ولا تزالُ تطلبُ الضَّوء وترمِي بنفسِها إلى الكوَّة، فإذا جاوزتها ورأتِ الظَّلام ظنَّت أنَّها لم تصبِ الكوَّة ولم تقصدها على السَّداد، فتعودُ إليها (٤) حتَّى تحترق (وَهَذِهِ الدَّوَابُّ) جمع دابَّة (الَّتِي تَقَعُ فِي النَّارِ) كالبرغشِ والبعوضِ والجندب ونحوها (يَقَعْنَ فِيهَا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «وجعل» «بالواو» بدل: «الفاء» (٥)، (يَنْزِعُهُنَّ) بنون قبل الزاي، وفي رواية: «يزعهنَّ» بإسقاط النون، من وَزَعه يزعَه وزْعًا فهو وازعٌ إذا كفَّه ومنعَه (وَيَغْلِبْنَهُ) بسكون الغين المعجمة والموحدة (فَيَقْتَحِمْنَ فِيهَا) يدخلن (٦) في النَّار (فَأَنَا آخُذُ بِحُجَزِكُمْ) بضم الخاء المعجمة، و «بحُجَزِكم» بضم الحاء المهملة وفتح الجيم بعدها زاي، جمع: حجزة، وهي معقدُ الإزار. قيل: صوابهُ: بحجزهم -بالهاء المهملة-؛ لأنَّ السَّابق: «إنَّما مثلِي ومثل النَّاس»؟ وأُجيب بأنَّه التفاتٌ من الغيبةِ إلى الخطابِ؛ اعتناءً بشأن الحاضرين في وقوعِ الموعظةِ من قلوبهِم أتمَّ موقع، ومثل ذلك من محاسنِ الكلام، فكيف يدَّعى أنَّ الصَّواب خلافه (٧)، وفيه التفاتٌ من الغيبة في قوله: «ومثل النَّاس» إلى الخطاب في قوله: «وأنا آخذٌ بحجزكم» (عَنِ) المعاصي الَّتي هي سببٌ للولوج (٨) في (النَّارِ) فهو من وضع المُسبَّب موضع


(١) في (س): «في حوله».
(٢) قوله: «في حولها لا هي نفسها … بالمستوقد مشرقًا»: ليس في (ع).
(٣) «في الأصل»: ليست في (ع).
(٤) قوله: «بسبب ضعف أبصارها … فتعود إليها»: ليس في (ع) و (ص).
(٥) «بالواو بدل: الفاء»: ليست في (د).
(٦) في (ب) و (س): «فيدخلن».
(٧) قوله: «قيل: صوابه بحجزهم بالهاء المهملة … أن الصَّواب خلافه»: ليس في (ع).
(٨) في (د): «سبب الولوج».

<<  <  ج: ص:  >  >>