للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيهما أي: فتَرغبوا فيها كما رغبوا فيها (وَتُلْهِيَكُمْ) عن الآخرة (كَمَا أَلْهَتْهُمْ) عنها (١). فإن قلت: تقديم المفعول هنا يُؤذن بأنَّ الكلام في المفعول (٢) لا في الفعل كقولك: ما زيدًا ضربت، فلا يصحُّ أن يعقَّبَ المنفي بإثباتِ ضدِّه فتقول: ولكن أكرمتُه؛ لأنَّ المقامَ يأباه إذ الكلام في المفعولِ هل هو زيدٌ أو عَمرو مثلًا لا في الفعلِ هل هو إكرامٌ أو إهانةٌ، والحديثُ قد وقعَ في الاستدراكِ بإثباتِ هذا الفعل المنفيِّ، فقال: «ولكن أخشى عليكم أن تبسطَ عليكم الدُّنيا كما بسطتْ على من كان قبلكم … » إلى آخره، فكيف يتأتَّى هذا؟ فالجواب (٣): أنَّ المنظورَ إليه في الاستدراكِ هو المُنافسةُ في الدُّنيا عند بسطها عليهم، فكأنَّه قال: ما الفقر أخشى عليكم، ولكن المنافسة في الدُّنيا، فلم يقع الاستدراك إلَّا في المفعولِ، كقولك: ما زيدًا ضربت ولكن عَمرًا، ثمَّ الفعل المثبت ثانيًا ليس ضدَّ الفعل المنفيِّ أولًا بحسب الوضع، وإنَّما اختلفا بالمتعلَّق (٤) فذِكْرُه لا يضرُّ (٥)؛ لأنَّه في الحقيقة استدراكٌ بالنِّسبة إلى المفعولِ لا إلى الفعلِ، قاله في «المصابيح».

والحديثُ فيه ثلاثةٌ من التَّابعين على نسقٍ: موسى، وابن شهابٍ، وعروة، وصحابيان: المسورُ وعَمرو، وكلُّهم مدنيُّون.

وسبق في «الجزية والموادعة مع أهل الذِّمَّة» [خ¦٣١٥٨].


(١) في (د): «عن الآخرة».
(٢) في (د): «في استدراك المفعول».
(٣) في (د): «والجواب».
(٤) في (د): «بالتعلق»، وفي (ص): «في التعلُّق»، وفي (ع): «بالتَّعليق».
(٥) في (ع): «فذكره مضرّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>