للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتولِّي بالمنع، وهو الَّذي يقتضيه ظاهرُ الزِّيادة الَّتي في الحديث. وذكرَ الطَّحاويُّ أنَّه يطلِّقها في الطُّهر الَّذي يلي الحيضة. قال الكرخيُّ: وهو قول أبي حنيفة لروايةِ سالم، رواه مسلم وأبو داود والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ وابن ماجه؛ لأنَّ أثر الطَّلاق قد انعدم بالمراجعة فصار كأنَّه لم يطلِّقها. وقال أبو يوسف ومحمَّد: في طُهرٍ ثانٍ، أي: إذا طهرتْ من تلك الحيضة الَّتي وقع فيها الطَّلاق ثمَّ حاضت ثمَّ طهُرت.

(فَتِلْكَ العِدَّةُ) أي: فتلك زمنُ العدَّة، وهي حالة الطُّهر (الَّتِي أَمَرَ اللهُ) أي: أذنَ (أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ) في قوله تعالى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾. واستُدلَّ به على أنَّ القرءَ المذكور في قوله تعالى: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوَءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] المراد به الطُّهر، كما ذهب إليه مالك والشَّافعيُّ.

وأمَّا الطَّلاق الواجب ففي الإيلاء على المُولِي لأنَّ المدَّة إذا انقضتْ وجب عليه الفيئةُ أو الطَّلاق. وفي الشِّقاق على الحكمين إذا أَمَرَا لِمَظْلومةٍ (١)، ولا بدعةَ فيه للحاجة إليه مع طلب الزَّوجة (٢).

وأمَّا المستحبُّ فعند خوف تقصيره في حقِّها لبُغضٍ أو غيره، أو بأن لا تكون عفيفةً لحديث الرَّجل الَّذي قال: يا رسول الله إنَّ امرأتي لا تردُّ يد لامسٍ. فقال رسول الله (٣): «طلِّقْهَا» والأمر للاستحبابِ، يدلُّ عليه قوله لمَّا أن قال له: إنِّي أحبُّها: «أَمْسِكْهَا» وألحق به ابنُ الرِّفعة طلاق الولد إذا أمره به والده لحديثِ الأربعةِ، وصحَّحه التِّرمذيُّ وابنُ حبَّان: أنَّ ابن عمر قال: كان تحتي امرأةٌ أحبُّها وكان عمر يكرهها، فقال: طلِّقْهَا، فأتيت النَّبيَّ فقال: «أَطِعْ أَبَاكَ».

وأمَّا المكروهُ فعند سلامة الحال، لحديث: «ليسَ شَيءٌ مِن الحَلالِ أبغَضُ إِلى اللهِ مِن الطَّلاقِ».


(١) في (س): «أمر المظلومة».
(٢) عبارة «أسنى المطالب» للشيخ زكريا الأنصاري: «وقد يجب الطلاق في الإيلاء على المولي، وفي الشقاق على الحكمين إذا أمر المطلِّق به، فلا بدعة فيه للحاجة إليه مع رضا الزوجة به».
(٣) في (س) و (ص): «فقال ».

<<  <  ج: ص:  >  >>