للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والضَّمير عائدٌ إلى السَّحاب، كأنَّه قيل: فلمَّا رأوا السَّحاب عارضًا (﴿مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾) صفة لـ ﴿عَارِضًا﴾ وإضافتُه غير محضة، فمِن ثمَّ ساغ أن يكون نعتًا لنكرةٍ (﴿قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا﴾) صفةٌ لـ ﴿عَارِضٌ﴾ أيضًا، أي: يأتينا بالمطر، وقد كانوا (١) ممحلينَ محتاجينَ إلى المطرِ، قال الله تعالى أو هود : (﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ﴾) من العذابِ حيث قلتُم: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٢] ثمَّ بيَّن ماهيته فقال: (﴿رِيحٌ﴾) أي: هي ريحٌ (﴿فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأحقاف: ٢٤]) فما برحُوا حتَّى كانت الرِّيح تجيءُ بالرَّجل فتطرحه، وكان طولُ الرَّجل منهم اثنتي عشرة (٢) ذراعًا، وقيل: ستُّون ذراعًا، وقيل: مئة، ولهم قصورٌ محكمةُ البناءِ بالصُّخورِ، فحملت الرِّيحُ الصُّخورَ والشَّجرَ ورفعتها كأنَّها جرادةٌ، وهدمتِ القصورَ، واصطفَّ لها الأطولونَ الأشدَّاء منهم، فصرعتْهم وألقت عليهم الصُّخور، وسفَّت عليهم الرِّمالَ، فكانوا تحتها سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ لهم أنينٌ، ثمَّ أمرَ الله الرِّيح فكشفتْ (٣) عنهم الرِّمال، واحتملتهُم فرمَتْ بهم في البحرِ، ولم يصلْ إلى هود ومن آمنَ به من تلك الرِّيح إلَّا نسيمٌ، وكان قد جمعَ المؤمنينَ إلى شجرةٍ عند عين ماءٍ وأدارَ عليهم خطًّا خطَّه في الأرضِ، وسقطَ لغير أبي ذرٍّ «باب قوله» وله: «﴿قَالُوا هَذَا عَارِضٌ﴾ … » إلى آخره، وقال بعد قوله: ﴿أَوْدِيَتِهِمْ﴾: «الآيةَ».

(قَالَ) ولأبي ذرٍّ: «وقال» (ابْنُ عَبَّاسٍ) فيما وصلهُ ابنُ أبي حاتمٍ في قولهِ: (﴿عَارِضٌ﴾ [الأحقاف: ٢٤]) أي: (السَّحَابُ) الَّذي يُرى في ناحية السَّماءِ، وسمِّي بذلك لأنَّه يبدو في عرض السَّماء.


(١) في (ب) زيادة: «قوما».
(٢) في (د): «اثني عشر».
(٣) في (م): «فكشف».

<<  <  ج: ص:  >  >>