للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حتَّى إنَّ المبرِّد يمنعه في الشِّعر، ويروي البيت:

مَنْ يَفْعَلِ الخَيْرَ فَالرَّحْمَنُ يَشْكُرُه ............................

(﴿سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ﴾ [فصلت: ١٠]) ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: «وقال غيره» أي: غير مجاهد: «﴿سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ﴾» أي: (قَدَّرَهَا سَوَاءً) و ﴿سَوَاء﴾ نصبَ على المصدرِ، أي: استوتْ استواءً. وقال السُّديُّ وقتادة: المعنى: سواء لمن سألَ عن الأمر (١) واستفهمَ عن حقيقةِ وقوعه وأرادَ العبرةَ فيه فإنَّه يجده.

(﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾) في قولهِ: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ [فصلت: ١٧] أي: (دَلَلْنَاهُمْ) دَلالة مطلقةً (عَلَى الخَيْرِ وَالشَّرِّ) على طريقهما (كَقَوْلِهِ) تعالى في سورة البلد: (﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: ١٠]) أي: طريق الخير والشَّرِّ (وَكَقَوْلِهِ) تعالى في سورة الإنسان: (﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ [الإنسان: ٣] وَ) أما (الهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ) إلى البُغية (بِمَنْزِلَةِ) أي: بمعنى (أَصْعَدْنَاهُ) بالصاد في الفرع كغيرهِ، ولأبوي ذرٍّ والوقتِ: «أسعدناهُ» بالسين بدل الصاد (٢). قال السُّهيليُّ -فيما نقله عنه الزَّركشيُّ والبرماويُّ وابن حجرٍ وغيرهم-: بالصاد أقرب إلى تفسير أرشدنَاه من أسعدنَاه بالسين؛ لأنَّه (٣) إذا كان بالسين كان من السَّعد، والسَّعادة ضد الشَّقاوة (٤) وأرشدت الرَّجلَ إلى الطَّريق وهديته السَّبيل بعيدٌ من هذا التَّفسير، فإذا قلت: أصعدناهُم -بالصاد- خرج اللَّفظ إلى معنى الصُّعُدات في قولهِ: «إيَّاكُم والقعودَ على الصُّعُداتِ» وهي الطُّرق (٥)، وكذلك أصعدَ في الأرضِ إذا سارَ فيها على قصدٍ، فإن كان البخاريُّ قصدَ هذا وكتبَها في نسختِهِ (٦) بالصاد التفَاتًا إلى حديث الصُّعداتِ؛ فليس بمنكرٍ. انتهى. قال الشَّيخ بدر الدين الدَّمامينيُّ: لا أدري ما الَّذي أبعد هذا التَّفسير مع قُرب ظهورهِ، فإنَّ الهدايةَ إلى السَّبيلِ والإرشادِ إلى الطَّريق إسعادٌ لذلك الشَّخصِ المهديِّ؛ إذ سلوكه في الطَّريق مُفضٍ إلى السَّعادةِ، ومجانبتهُ لها ممَّا يُؤدِّي إلى ضلالهِ وهلاكهِ.


(١) في (م): «الأمور».
(٢) في (د) زيادة: «من الصعد وبالسين من السعادة».
(٣) في (ب): «إلا أنه».
(٤) قوله: «أقرب إلى تفسير أرشدناه من أسعدناه بالسين؛ لأنه إذا كان بالسين كان من السعد، والسعادة ضد الشقاوة» ليست في (م) و (د). وجاء بدل عنها: «هو بالصاد من الصعب وبالسين من السعادة ضد الشقاوة».
(٥) في (ص): «الطريق».
(٦) قوله: «في نسخته»: ليست في (د)، وفي (ص): «نسخة».

<<  <  ج: ص:  >  >>