للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(وَقَالَ المِنْهَالُ) بكسر الميم وسكون النون، ابنُ عَمرو الأسديُّ، مَولاهم الكوفيُّ، وثَّقه ابنُ معين والنَّسائيُّ وغيرهما: (عَنْ سَعِيدٍ) وللأَصيليِّ: «سعيد بن جبيرٍ» أنَّه (قَال: قَالَ رَجُلٌ) هو: نافعُ بنُ الأزرقِ، الَّذي صارَ بعد ذلك رأس الأزارقةِ من الخوارجِ (لِابْنِ عَبَّاسٍ) ، وكان يجالسه بمكَّة ويسأله ويعارضهُ: (إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ) لما بين ظواهرها (١) من التَّدافعِ، زاد عبد الرَّزَّاق: فقال ابن عبَّاس: ما هو؟ أشكٌ في القرآنِ؟ قال: ليس بشكٍّ ولكنه اختلافٌ، فقال: هاتِ ما اختلفَ عليك من ذلك (قَالَ: ﴿فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠١]) وقال: (﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ﴾ [الصافات: ٢٧]) فإن بين قوله: ﴿وَلَا يَتَسَاءلُونَ﴾ وبين ﴿يَتَسَاءلُونَ﴾ تدافعًا نفيًا وإثباتًا. وقال تعالى: (﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢]) وقوله: (﴿رَبِّنَا﴾) ولأبي ذرٍّ: «﴿وَاللّهِ رَبِّنَا﴾» (﴿مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ) كونهم مشركين، وعُلم من الأولى أنَّهم لا يكتمونَ الله حديثًا (وَقَالَ: ﴿أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا﴾ إِلَى قَوْلِهِ) تعالى: (﴿دَحَاهَا﴾ [النازعات: ٢٧ - ٣٠] فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ) في هذه الآية (ثُمَّ قَالَ) في سورة حم السَّجدة: (﴿أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ … إِلَى: ﴿طَائِعِينَ﴾ [فصلت: ٩ - ١١]) وللأَصيليِّ وابنِ عساكرَ: «إلى قولهِ: ﴿طَائِعِينَ﴾» (فَذَكَرَ فِي هَذِهِ) الآية (خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ) وللأَصيليِّ: «قبلَ خلقِ السَّماءِ» والتَّدافع ظاهر (وَقَالَ تعالى: ﴿وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الفتح: ١٤]) وقال: ﴿وَكَانَ اللهُ﴾ (﴿غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [الفتح: ٧]) ﴿وَكَانَ اللهُ﴾ (﴿سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ٥٨] فَكَأَنَّهُ كَانَ (٢)) موصوفًا بهذه الصِّفات (ثُمَّ مَضَى) أي: تغيَّر عن ذلك. (فَقَالَ) أي: ابن عبَّاس مجيبًا عن ذلك: أمَّا قوله تعالى: (﴿فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ﴾ [المؤمنون: ١٠١]) أي: (فِي النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴿فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللهُ﴾ [الزمر: ٦٨] فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ) تنفعهم لزوالِ التَّعاطُف والتَّراحُم، من فرطِ الحيرةِ واستيلاءِ الدَّهشةِ، بحيث يفرُّ المرءُ من أخيهِ وأمِّه وأبيه وصاحبتهِ وبنيه، قال:

لَا نَسَبَ اليَوْمَ وَلَا خُلَّةٌ … اتَّسَعَ الخَرْقُ عَلَى الرَّاقِعِ


(١) في (م): «ظاهرها».
(٢) في (د): «كان يومئذ».

<<  <  ج: ص:  >  >>