للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(﴿الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾) في قولهِ: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ﴾ [ص: ٧] هي (مِلَّةُ قُرَيْشٍ) الَّتي كانت عليها آباؤهم أو دين النَّصرانيَّة، و ﴿فِي الْمِلَّةِ﴾ متعلِّقٌ بـ ﴿سَمِعْنَا﴾ أي: لم نسمَعْ في الملَّة الآخرةِ بهذا الَّذي جئت به، أو بمحذوفٍ على أنَّه حال من هذا، أي: ما سمعنا بهذا كائنًا في الملَّةِ الآخرة، أي: لم نسمَع من الكهَّانِ، ولا من أهلِ الكتبِ أنَّه يحدثُ توحيدُ الله في الملَّة الآخرة، وهذا من فرط كذبِهم.

(الاِخْتِلَاقُ) في قولهِ: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ﴾ [ص: ٧] هو (الكَذِبُ) المختلقُ.

(﴿الْأَسْبَابِ﴾) في قولهِ تعالى: ﴿فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ﴾ [ص: ١٠] هي (طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا) قاله مجاهدٌ، وكلُّ ما يوصلكَ إلى شيءٍ من بابٍ أو طريقٍ فهو سببهُ (١)، وهذا أمر توبيخٍ وتعجيزٍ، أي: إن ادَّعوا أنَّ عندهُم خزائنَ رحمةِ ربِّك أولهم ملك السَّموات والأرضِ وما بينهما، فليصعدُوا في الأسبابِ الَّتي توصلهم إلى السَّماء فليأتوا منها بالوحيِ إلى من يختارونَ، وهذا في غايةِ التَّهكُّم بهم.

(﴿جُندٌ﴾) ولأبي ذرٍّ: «قوله: ﴿جُندٌ﴾» (﴿مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ﴾ [ص: ١١]) قاله مجاهدٌ أيضًا فيما وصلهُ الفِريابيُّ: (يَعْنِي: قُرَيْشًا) و ﴿هُنَالِكَ﴾ مشارٌ به إلى موضعِ التَّقاولِ والمحاورةِ بالكلمات السَّابقة، وهو مكَّة، أي: سيهزمونَ بمكَّة، وهو إخبارٌ بالغيبِ، وصحَّح الإمام فخر الدِّين كون ذلك في فتح مكَّة، قال: لأنَّ المعنى أنَّهم جندٌ سيصيرونَ مُنْهزمين في الموضعِ الَّذي ذكروا فيه هذه الكلمات. انتهى. وهذا معارضٌ بما أخرجه الطَّبريُّ من طريق سعيد، عن قتادةَ، قال: وعدهُ الله -وهو بمكَّة- أنَّه سيهزمُ جندَ المشركين، فجاء تأويلها ببدرٍ. و ﴿هُنَالِكَ﴾ إشارةٌ إلى بدرٍ ومصارعهم، وسقطَ من قوله: «﴿جُندٌ﴾ … » إلى آخر قوله «قُريشًا» لأبي ذرٍّ (٢).

(﴿أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ﴾ [ص: ١٣]) أي: (القُرُونُ المَاضِيَةُ) قاله مجاهدٌ أيضًا، أي: كانوا أكثر منكُم وأشدَّ قوَّةً وأكثرَ أموالًا وأولادًا، فما دفع ذلك عنهم من عذابِ الله من شيءٍ لمَّا جاء أمرُ الله.

(فَوَاقٌ) بالرَّفع لأبي ذرٍّ، أي: (رُجُوعٌ) هو من أفاقَ المريضُ إذا رجع إلى صحَّته (٣)، وإفاقةُ


(١) في (د): «سبب».
(٢) قوله: «وسقط من … لأبي ذر»: ليس في (د).
(٣) في (ب) و (د) و (م): «في الصحة».

<<  <  ج: ص:  >  >>