للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(﴿وَيَقْذِفُونَ﴾) بفتح أوله وكسر ثالثه (﴿بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [سبأ: ٥٣]) أي: (مِنْ كُلِّ مَكَانٍ) وعند ابنِ أبي حاتمٍ عنه: ﴿مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾ يقولون: هو ساحرٌ، هو كاهنٌ، هو شاعرٌ، وقال مجاهدٌ أيضًا في قولهِ: (﴿وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ﴾) بالصَّافات [الآية: ٨] أي: (يُرْمَوْنَ) وفي نسخةٍ: «﴿مِن كُلِّ جَانِبٍ. دُحُورًا﴾ يرمون» أي: يرمونَ من كلِّ جانبٍ من (١) جوانبِ السَّماءِ إذا قصدُوا صعودهُ، و ﴿دُحُورًا﴾ علَّة للطَّردِ، أي: للدُّحورِ، فنصبه على أنَّه مفعولٌ له ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ﴾ (﴿وَاصِبٌ﴾ [الصافات: ٩]) أي: (دَائِمٌ) وقيل: شديدٌ.

(﴿لَّازِبٍ﴾) في قولهِ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ﴾ [الصافات: ١١] معناه: (لَازِمٌ) بالميم بدل الموحدة، ومنه قول النَّابغة:

........................ … وَلَا تَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لَازِبٍ

بالموحدةِ، أي: لازمٍ -بالميم- فهما بمعنى؛ لأنَّه يلزم اليدَ، أي: يلصقُ بها، وقيل: بالموحدةِ اللَّزِج، وأكثر أهل اللُّغة على أنَّ الباء في «لازبٍ» بدل: من «الميم»، وهذا كلُّه ساقطٌ في رواية أبي ذرٍّ (﴿تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ﴾ [الصافات: ٢٨] يَعْنِي: الحَقَّ) أي: الصِّراط الحقَّ، فمن أتاهُ الشَّيطان من قبل اليمينِ؛ أتاهُ من قبلِ الدِّين فلبَّسَ عليه الحقَّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «يعنِي: الجِنَّ» بالجيم والنون المشددة، والمراد به: بيان المقولِ لهم وهم الشَّياطين، وبالأوَّل تفسير لفظ ﴿الْيَمِينِ﴾ واليمينُ هنا استعارةٌ عن الخيراتِ والسَّعاداتِ؛ لأنَّ الجانبَ الأيمن أفضلُ من الأيسرِ إجماعًا، و ﴿عَنِ الْيَمِينِ﴾ حالٌ من فاعل ﴿تَأْتُونَنَا﴾ والمرادُ بها الجارحةُ، عبَّر بها عن القوَّةِ، أو الحلف؛ لأنَّ المتعاقدين بالحلفِ يمسحُ كلٌّ منهما يمين الآخر، فالتَّقديرُ على الأوَّل: تأتونَنا أقوياءَ، وعلى الثَّاني: مقسِمين حالفين (الكُفَّارُ تَقُولُهُ (٢) لِلشَّيْطَانِ) وفي نسخة: «للشَّياطين» بالجمع، وقد كانوا يحلفونَ لهم إنَّهم على الحقِّ.

(﴿غَوْلٌ﴾) أي: (وَجَعُ بطْنٍ) وبه قال قتادة، وقال اللَّيث: صُداعٌ ﴿وَلَا هُمْ عَنْهَا﴾ (﴿يُنزَفُونَ﴾ [الصافات: ٤٧]) أي: (لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ) و ﴿يُنزَفُونَ﴾ بضم أوله وفتح الزاي، من نزف الرَّجل، ثلاثيًّا، مبنيًّا للمفعول بمعنى: سَكِرَ وذهب عقلهُ، وقرأ حمزةُ والكِسائيُّ: بكسر الزاي، من أَنزفَ الرَّجلُ؛ إذا ذهبَ عقلهُ من السَّكر.


(١) في (د) زيادة: «أي جانب من»، وفي (م) زيادة: «أي يرمون من».
(٢) في (ص): «تقول له».

<<  <  ج: ص:  >  >>