للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر، وشدَّة (١) بغضه للمنافقين، وتأنيسًا له وتطييبًا لقلبه كالمعتذر له عن ترك قبول كلامه (وَقَالَ: أَخِّرْ) أي: تأخَّر (عَنِّي يَا عُمَرُ) وقيل: معناه: أخِّر عنِّي رأيك، فاختصر إيجازًا وبلاغةً (فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ؛ قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ) بين الاستغفار وعدمه (فَاخْتَرْتُ) الاستغفار، وقد استُشكِل (٢) فَهْمُ التَّخيير من الآية على كثيرٍ، سبق جواب الزَّمخشريِّ عن ذلك، وقال صاحب «الانتصاف»: مفهوم الآية (٣) زلَّت فيه الأقدام، حتَّى أنكر القاضي أبو بكرٍ الباقلانيُّ صحَّة الحديث، وقال: لا يجوز أن يُقبَل هذا، ولا يصحُّ أنَّ الرَّسول قاله، وقال إمام الحرمين في «مختصره» هذا الحديث غير مخرَّج في «الصَّحيح»، وقال في «البرهان»: لا يُصحِّحه أهل الحديث، وقال الغزاليُّ في «المستصفى»: الأظهر أنَّ هذا الخبر غير صحيحٍ، وقال الدَّاودي الشَّارح: هذا الحديث غير محفوظٍ، وهذا عجيبٌ من هؤلاء الأئمَّة، كيف باحوا بذلك وطعنوا فيه مع كثرة طرقه واتِّفاق «الصَّحيحين» على تصحيحه، بل وسائر الذين خرَّجوا في الصَّحيح، وأخرجه النَّسائيُّ وابن ماجه (لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ؛ يُغْفَرْ لَهُ) بجزم «يغفْر» جوابًا للشَّرط، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «فغُفِرَ له» بفاءٍ وضمِّ الغين وفتح الرَّاء، بلفظ الماضي، قال في «الفتح»: والأوَّل أوجه (لَزِدْتُ عَلَيْهَا) تردَّد هنا، وفي الرِّواية السَّابقة قال: «سأزيده (٤)» [خ¦٤٦٧٠] ووعده صادقٌ، ولا سيَّما وقد ثبت قوله: «لأزيدنَّ» بصيغة المبالغة في التَّأكيد، وروى الطَّبريُّ من طريق مغيرة عن الشَّعبيِّ قال: قال النَّبيُّ : قال الله: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ [التوبة: ٨٠] «فأنا أستغفر سبعين وسبعين وسبعين» وأُجِيب باحتمال أن يكون فعل ذلك استصحابًا للحال؛ لأنَّ جواز المغفرة بالزِّيادة كان ثابتًا قبل نزول الآية، فجاز أن يكون باقيًا على أصله في الجواز، قال الحافظ أبو الفضل: وحاصله: أنَّ العمل بالبقاء على حكم الأصل مع المبالغة لا يتنافيان، فكأنَّه جوَّز أنَّ المغفرة تحصل بالزِّيادة على السَّبعين، لا أنَّه جازمٌ (٥) بذلك، ولا يخفى ما فيه، أو يكون طلب


(١) «شدَّة»: مثبتٌ من (ص).
(٢) في (ب) و (س): «أشكل».
(٣) زيد في (ب) و (س): «قد».
(٤) في (د): «سأزيد».
(٥) في (د): «كان جازمًا».

<<  <  ج: ص:  >  >>