للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه الماء (١)، والسَّفر: هو الخروج عن الوطن، وينبغي أن يكون مباحًا (﴿أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ﴾ [النساء: ٤٣]) فأحدث (٢) بخروج الخارج من أحد السَّبيلين، وأصل الغائط: المطمئنُّ من الأرض، وكانت عادة العرب إتيانه للحدث ليسترهم عن أعين النَّاس، فكَنُّوا به عن الخارج تسميةً للشَّيء باسم مكانه.

﴿صَعِيدًا﴾) يريد تفسير قوله تعالى: ﴿فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا (٣)[النساء: ٤٣] قال: (وَجْهَ الأَرْضِ) بالنَّصب، ولأبي ذرٍّ: «وجهُ الأرض» بالرَّفع، بتقدير: هو، والمراد بوجه الأرض: ظاهرها سواءٌ كان عليها ترابٌ أم لا ولذا قالت الحنفيَّة: لو ضرب المتيمِّم يده على حجرٍ صلدٍ ومسح أجزأه، وقالت (٤) الشَّافعيَّة: لا بدَّ أن يعلَقَ باليد شيءٌ من التُّراب لقوله تعالى في سورة المائدة: ﴿فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ﴾ [المائدة: ٦] أي: من بعضه، وجَعْلُ «من» لابتداء الغاية تعسُّفٌ؛ إذ لا يُفهَم من نحو ذلك إلا التَّبعيض، والمسح ببعض الخشب والحجر غير مقصودٍ، هذا وإنَّه وُصِفَ بالطَّيِّب، والأرض الطَّيِّبة هي المُنبِتة، وغير الطَّيِّبة لا تُنبِت، وغير التُّراب لا يُنبِت، والذي لا ينبت لا يكون طَيِّبًا، فهو أمرٌ بالتُّراب فقط، وقال الشَّافعيُّ -وهو القدوة في اللُّغة وقوله فيها الحجَّة-: لا يقع اسم الصَّعيد إلَّا على ترابٍ ذي غبارٍ، فأمَّا البطحاء الغليظة والرَّقيقة؛ فلا يقع عليها اسم الصَّعيد، فإن خالطه ترابٌ أو مدرٌ يكون له غبار؛ كان الذي خالطه هو الصَّعيد، وقد وافق الشَّافعيَّ الفرَّاء وأبو عبيد، وفي حديث حذيفة عند الدَّارقطنيِّ في «سننه» وأبي عَوانة في «صحيحه» مرفوعًا: «جُعِلَت لي الأرض مسجدًا، وترابها لنا (٥) طهورًا» وعند مسلمٍ: «تربتها» وهذا مفسِّرٌ للآية (٦)، والمفسَّر يقضي على المُجْمَل.


(١) في غير (د) و (س): «الماء فيه».
(٢) في (د): «وأحدث».
(٣) ﴿طَيِّبًا﴾: ليس في (ص) و (م).
(٤) في (ص): «قال».
(٥) «لنا»: ليس في (د) و (ص).
(٦) في (د): «وهذا يفسِّر الآية».

<<  <  ج: ص:  >  >>