للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنت (مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟) فهو خبر مبتدأٍ محذوفٍ (قَالَ: نَعَمْ) أنا موسى بني إسرائيل، فهو مقول القول ناب عن الجملة، وهذا يدلُّ على أنَّ الأنبياء ومَنْ دونَهم لا يعلمون من الغيب إلَّا ما علَّمهم الله تعالى؛ لأنَّ الخضر لو كان يعلم كلَّ غيبٍ لَعَرَفَ موسى قبل أن يسأله، (قَالَ: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ﴾) أي: من الذي علَّمك الله علمًا (﴿رُشْدًا﴾ [الكهف: ٦٦]) ولا ينافي نبوَّته وكونه صاحب شريعةٍ أن يتعلَّم من غيره، ما لم يكن شرطًا في أبواب الدِّين، فإنَّ الرَّسول ينبغي أن يكون أعلمَ ممَّن أُرسِل إليه فيما بُعِثَ به (١) من أصول الدِّين وفروعه، لا مُطلَقًا، وقد راعى في ذلك غاية التَّواضع والأدب، فاستجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعًا له (٢)، وسأل منه أن يرشده، وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه (٣) به (٤)، قاله البيضاويُّ، لكن لم يكن موسى مُرسَلًا إلى الخضر، فقد يوهم ما قاله دخوله فيهم من السِّياق، فليُتأمَّل. (﴿قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ [الكهف: ٦٧]) فإنِّي أفعل أمورًا ظاهرُها مناكيرُ، وباطنُها لم تُحِطْ به (يَا مُوسَى؛ إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ) جملةٌ من الفعل والفاعل والمفعولين: أحدهما ياء المفعول، والثَّاني الضَّمير الرَّاجع إلى «العلم»، صفةٌ لـ «علمٍ» (لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ) مبتدأٌ وخبره، معطوفٌ على السَّابق (٥) (عَلَّمَكَ الله) جملةٌ كالسَّابقة، لكن الثَّاني محذوفٌ تقديره: علمَّك الله إيَّاه، وفي فرع «اليونينيَّة» كهي (٦): «علَّمكه الله» بهاء الضَّمير الرَّاجع إلى العلم (لَا أَعْلَمُهُ) صفةٌ أخرى، وهذا لا بدَّ من تأويله؛ لأنَّ الخضر كان يعرف من علم (٧) الشَّرع ما لا


(١) «به»: سقط من (د).
(٢) في (د): «تبعًا له».
(٣) في (م): «عليه ببعض».
(٤) «به»: سقط من (ص) و (م).
(٥) في (م): «السِّياق».
(٦) «كهي»: مثبتٌ من (م).
(٧) في (م): «حكم».

<<  <  ج: ص:  >  >>