للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ) البصريِّ (عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ) البصريِّ أيضًا (عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: «من أصحاب النَّبيِّ» (، قَالَ) أي: الأصفر: (أَحْسِبُهُ) أي: الرَّجل المبهَم (ابْنَ عُمَرَ) جزم في السَّابقة به [خ¦٤٥٤٥] فلعلَّ قوله هنا: «أحسبه» كان قبل جزمه، وكان قد نسي ثمَّ تذكَّر (﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٤] قَالَ) أي: ابن عمر: (نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا): ﴿لَا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] أي: لا يكلِّف الله تعالى أحدًا فوق طاقته؛ لطفًا منه تعالى بخلقه ورأفةً بهم وإحسانًا إليهم، فأزالت ما كان أشفق منه الصَّحابة في قوله: ﴿وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ﴾ أي: هو وإن حاسب وسأل، لكنَّه (١) لا يعذِّب إلَّا على (٢) ما يَملك الشَّخص دَفْعَه، فأمَّا ما (٣) لا يملك (٤) دَفْعَه من وسوسة النَّفس وحديثها؛ فهذا لا يُكلَّف به الإنسان، فإن قلت: إنَّ النَّسخ لا يدخل الخبر لأنَّه يُوهم الكذب، أي: يوقعه في الوهم، أي: الذِّهن؛ حيث يخبر بالشِّيء ثمَّ بنقيضه، وهذا محالٌ على الله تعالى، أُجِيب بأنَّ المذكور هنا وإن كان خبرًا لكنَّه يتضمَّن حكمًا، وما كان كذلك أمكن دخول النَّسخ فيه كسائر الأحكام، وإنَّما الذي لا يدخله النَّسخ من الأخبار ما كان خبرًا محضًا لا يتضمَّن حكمًا، كالإخبار عمَّا مضى من أحاديث الأمم ونحو ذلك، على أنَّه قد جوَّز جماعةٌ النَّسخ في الخبر المستقبل لجواز المحو فيما يقدِّره، قال الله تعالى: ﴿يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩] والأخبار تتبعه، وعلى هذا القولِ البيضاويُّ، وقيل: يجوز على الماضي أيضًا؛ لجواز أن يقول (٥) الله: لبثَ نوحٌ في قومه ألف سنةٍ، ثمَّ يقول: لبث فيهم ألف سنةٍ إلَّا خمسين عامًا، وعلى هذا القولِ الإمام الرازيُّ والآمديُّ، وقال البيهقيُّ: النَّسخ هنا بمعنى: التَّخصيص أو التَّبيين، فإنَّ الآية الأولى وردت مورد العموم، فبيَّنت التي بعدها أنَّ من (٦) يُخفِي شيئًا (٧) لا يُؤاخَذ به، وهو حديث النَّفس الذي لا يُستَطاع دفعه.


(١) «لكنَّه»: ليس في (د).
(٢) «على»: ليس في (د).
(٣) زيد في (د): «كان».
(٤) في (م): «يمكن».
(٥) في (د): «يكون»، وليس فيها اسم الجلالة.
(٦) في غير (ب) و (م): «ممَّا»، ولعلَّه تحريفٌ.
(٧) في (د): «شيءٌ».

<<  <  ج: ص:  >  >>