للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه، أو حالٌ من الزَّوجات، أي: غيرَ مُخْرَجاتٍ، أو حالٌ من الموصِين، أي: غيرَ مُخرِجين (﴿فَإِنْ خَرَجْنَ﴾) من منزل الأزواج (﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٠]) أيُّها الأولياء (﴿فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٤٠]) ممَّا لم ينكره الشَّرع، وهذا يدلُّ على أنَّه لم يكن يجب عليها ملازمة مسكن الزَّوج والإحداد عليه، وإنَّما كانت مخيَّرةً بين الملازمة وأخذ النَّفقة وبين الخروج وتركها (قَالَ: جَعَلَ اللهُ لَهَا) أي: للمعتدَّة المذكورة في الآية الأولى (تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ) ولأبي ذرٍّ: «بسبعة أشهرٍ» (وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً (١) إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا؛ وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ فَالعِدَّةُ) وهي أربعة (٢) الأشهر والعشر (كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا) قال شبل بن عبَّادٍ: (زَعَمَ) ابن أبي نَجيحٍ (ذَلِكَ) المتقدَّم (عَنْ مُجَاهِدٍ) وهذا يدلُّ على أنَّ مجاهدًا لا يرى نسخ هذه الآية.

ثمَّ عطف المؤلِّف على قوله: «عن مجاهدٍ» قوله: (وَقَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباحٍ، قال في «الفتح»: وهو من رواية ابن أبي نَجيحٍ عن عطاءٍ، ووهم من زعم أنَّه معلَّق، وتعقَّبه العينيُّ: بأنَّه لو كان عطفًا؛ لقال: وعن عطاءٍ، فظاهره التَّعليق: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ) أي: النَّاسخ (قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿غَيْرَ إِخْرَاجٍ﴾ قَالَ عَطَاءٌ) مفسِّرًا لِمَا رواه عن ابن عبَّاسٍ: (إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «عند أهلها» (وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ﴾) لدلالته على التَّخيير (قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ المِيرَاثُ) في قوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ﴾ [النساء: ١٢] (فَنَسَخَ السُّكْنَى) وتُرِكت الوصيَّة (فَتَعْتَدُّ (٣) حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا سُكْنَى لَهَا) قال ابن كثيرٍ: فهذا القول الذي عوَّل عليه مجاهدٌ وعطاءٌ من أنَّ هذه الآية لم تدلَّ على وجوب الاعتداد سَنَةً -كما زعمه الجمهور- حتَّى يكون ذلك منسوخًا بأربعة الأشهر والعشر (٤)، وإنَّما دلَّت على أنَّ ذلك كان من باب الوصيَّة بالزَّوجات أن يُمَكَّنَّ من السُّكنى في بيوت أزواجهنَّ بعد وفاتهم حولًا كاملًا إن اخترن ذلك؛ ولهذا قال: ﴿وَصِيَّةً


(١) «وصيَّةً»: سقط من (د).
(٢) في (د): «الأربعة».
(٣) في (د): «تعتدُّ».
(٤) في (د): «بالأربعة الأشهر وعشر».

<<  <  ج: ص:  >  >>