للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: ﴿وَعَلَّمَ﴾» (﴿آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا﴾ [البقرة: ٣١]) إمَّا بخلق علمٍ ضروريٍّ بها فيه أو إلقاءٍ في روعه، ولا يفتقر إلى سابقة اصطلاحٍ للتَّسلسل (١)، والتَّعليمُ: فعلٌ يترتَّب عليه العلم غالبًا؛ ولذلك يقال: علَّمته فلم يتعلَّم، قاله البيضاويُّ، وظاهر الآية يقتضي أنَّ التَّعليم للأسماء، ويؤيِّده: ﴿بِأَسْمَاء هَؤُلاء﴾ [البقرة: ٣١] وقال الزَّمخشريُّ أي: أسماء المسمَّيات، فحذف المضاف إليه لكونه معلومًا مدلولًا عليه بذكر الأسماء؛ لأنَّ الاسم لا بدَّ له من مسمًّى، وعوَّض عنه اللام؛ كقوله: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤] واعتُرِض بأنَّ كون اللام عوضًا عن الإضافة ليس مذهب البصريِّين، إنَّما قال به الكوفيُّون وبعض البصريِّين، والبصريُّون إنَّما قالوا ذلك في المُظهَر لا في المُضمَر، وبأنَّه لم يجعل المحذوف مضافًا إلى الأسماء، أي: مسمَّيات الأسماء؛ لينتظم تعليق الإنباء بالأسماء فيما ذَكَر بعد التَّعليم، وهو وإن قدَّر المضاف إليه وجعل الأسماء غير المسمَّيات لا يقول: إنَّ ما عَلَّمه آدم وعَلِمه وعجز عنه الملائكة هو مجرَّد الألفاظ واللُّغات من غير علمٍ بحقائق المسمَّيات وأحوالها ومنافعها؛ لظهور أنَّ الفضيلة والكمال إنَّما هي في ذلك، وإلى هذا ذهب من جعل الاسم نفس المسمَّى، أو حمل (٢) الكلام على حذف المضاف؛ أي (٣): مسمَّيات الأسماء، لكن يَرِدُ عليه أنَّه لا دلالة في الكلام على هذا التَّقدير، وجوابه: أنَّ الأحوال والمنافع أيضًا من جملة (٤) المسمَّيات التي عُلِّم أسماءها، ولا يتمُّ ذلك بدون معرفتها على وجهٍ تمتاز به عمَّا عداها، وهذا كافٍ، قاله في «المصابيح»، واختُلِف في المراد بـ ﴿الأَسْمَاء﴾ فقيل: أسماء الأجناس دون أنواعها، وقيل: أسماء كلِّ شيءٍ حتَّى القصعة.


(١) في (د): «ليتسلسل».
(٢) في (د): «وحمل».
(٣) في (م): «هو».
(٤) قوله: «من جملة» من مصابيح الجامع: (٨/ ١٥٢). وسقطت من بعض نسخ المصابيح كما أشار محقق الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>