وحديث الباب أخرجه المؤلِّف أيضًا في «التَّفسير»[خ¦٤٥٥٩] و «الاعتصام»[خ¦٧٣٤٦]، والنَّسائي في «الصَّلاة» و «التَّفسير».
(وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ) هو معطوفٌ على قوله: «أخبرنا معمر … إلى آخره». والرَّاوي لهُ عن حنظلةَ هو عبد الله بنُ المبارك أنَّه (قال: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ) لمَّا جُرحَ يومَ أحدٍ (يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ) بن خلفٍ الجُمحيِّ (وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو) القرشيِّ العامريِّ (وَالحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) أي: ابن المغيرة القرشيِّ المخزوميِّ (فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨]) أي: فيسلموا أو يعذِّبهم إن ماتُوا كفَّارًا، والثلاثةُ المسمَّونَ أسلموا يوم الفتح وحسُنَ إسلامُهم، ولعلَّه هو السرُّ في نزول قوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ﴾.
وقد ذكر المؤلِّف في هذا الباب سببَين لنزولِ الآية، والثاني مُرسلٌ، ويحتملُ أنَّ الآيةَ نزلتْ في الأمرينِ جميعًا، فإنَّهما كانَا في قصَّةٍ واحدةٍ.
وقد اختُلفَ في سببِ نزولها على قولين: أحدُهما: نزلتْ في قصَّةِ أحدٍ، واختلفَ القائلونَ بذلك؛ فقيلَ: السَّببُ ما وقع من شجِّهِ ﵊ يومَ أُحدٍ كما مرَّ، وقيل: إنَّه ﵊ لمَّا رأى ما فعلوا بحمزةَ من المثلةِ قال: «لأمثِّلَنَّ بسبعينَ منهم» فنزلت. وقيل: أرادَ أن يدعوَ عليهم بالاستئصال فنزلت؛ لعلمهِ أن أكثرهم يسلمون. قال القفَّال: وكلُّ هذه الأشياء حصلتْ يوم أُحد، فنزلت الآيةُ عند الكلِّ، فلا يمتنعُ حملها على الكلِّ، وقيل: إنهُ ﵊ أرادَ أن يلعنَ المسلمين الذين خالفوا أمرهُ والَّذين انهزَمُوا فمنعهُ اللهُ من ذلك بنزولها، وقيل إنه ﵊ … (١).
القول الثاني: أنَّها نزلتْ في قصَّةِ القُرَّاءِ الذين بعثهم ﵊ إلى بئرِ معونةَ في صفرَ سنةَ أربعٍ من الهجرةِ، على رأسِ أربعةِ أشهرٍ من أُحد؛ ليعلِّمُوا النَّاسَ القرآنَ، فقتلهُمْ عامرُ بن الطُّفَيل،