وعندَ الفَاكهي بإسنادٍ حسنٍ مرسل: أنَّ المُطْعم بن عديٍّ أَمَر أربعةً من أولادهِ فلبسُوا السِّلاح، وقام كلُّ واحدٍ منهم عند (١) ركنٍ من الكعبةِ، فبلغَ ذلك قريشًا فقالوا له: أنت الرَّجل الذي لا تُخفر له ذمَّة، ولَمَّا حصر قريشٌ بني هاشم ومن معهم من المسلمين في الشِّعب، كان المطعمُ من أشدِّ من قام في نقضِ الصَّحيفة التي كتبتها قريشٌ على بني هاشمٍ ومن معهم، ومات المُطْعم قبل وقعة بدرٍ.
(وَقَالَ اللَّيْثُ) بن سعدٍ إمامُ المصريين، ممَّا وصله أبو نُعيم في «مستخرجه»(عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيْدٍ) الأنصاريِّ، وسقط لغير أبي ذرٍّ «ابن سعيد»(عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ) أنَّه قال: (وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الأُولَى -يَعْنِي: مَقْتَلَ عُثْمَانَ-) بن عفَّان ﵁ يوم الجمعةِ لثمانِ ليالٍ خلتْ من ذي الحجَّة، بعد أن حُوصر تسعة وأربعين يومًا، أو شهرين وعشرين يومًا (فَلَمْ تُبْقِ) بضم الفوقية وسكون الموحدة، الفتنةُ الأولى (مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ) الَّذين شهدوا وقعتَها (أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ الفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ -يَعْنِي: الحَرَّةَ-) بفتح الحاء المهملة والراء المشددة: أرضٌ ذاتُ حجارة سُود، موضعٌ بالمدينةِ كانت به الوقعةُ بين أهلِها وعسكرِ يزيد بن معاويةَ سنة ثلاث وستين؛ بسبب خلعِ أهل المدينةِ يزيدَ، وولَّوا على قريشٍ عبدَ الله بن مُطِيع، وعلى الأنصار عبدَ الله بن حنظلةَ، وأخرجوا عاملَ يزيد عثمانَ بن محمد بنِ أبي سفيان، ابن عمِّ يزيد من بين أظهرِهِم، وكان عسكرُ يزيد سبعة وعشرين ألف فارسٍ، وخمسة عشر ألفَ راجلٍ.
(فَلَمْ تُبْقِ) هذه الفتنةُ الثَّانية (مِنْ أَصْحَابِ الحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا، ثُمَّ وَقَعَتِ) الفتنة (الثَّالِثَةُ) قيل: هي فتنةُ الأزارقةِ بالعراق، وقيل: فتنةُ أبي حمزةَ الخارجيِّ بالمدينة في خلافةِ مروان بن محمد بنِ مروان بنِ الحكم سنة ثلاثين ومئة، وقيل: فتنةُ قتلِ الحجَّاج لعبد الله بنِ الزُّبير ﵁، وتخريبه الكعبةَ سنة أربع وسبعين (فَلَمْ تَرْتَفِعْ) هذه الفتنةُ الثَّالثة (وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ) بفتح الطاء