للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أموالِ قريشٍ، بخلاف المشركين (﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾) أي: فاتَّقوا الله في الثَّبات معه ولا تضعفوا، فإنَّ نعمتَه وهي نعمةُ الإسلامِ لا يقابَلُ شكرها إلَّا ببذلِ المُهَج، وبفداءِ الأنفُسِ، والنُّصرة له، والشَّهادة في سبيله، فاثبتوا معه لعلَّكم تُدْركون (١) شكرَ هذه النِّعمة، أو فاتَّقوا الله في الثَّبات معه والنُّصرة له؛ لتحصل لكم نعمة الظَّفر فتشكرونها، فوضعَ الشُّكر موضعَ (٢) النِّعمة إيذانًا بكونها حاصلة قاله الطِّيبي (﴿إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾) متعلِّق بقوله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ﴾ أو بقوله: ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ فيكون المراد: غزوة أحدٍ، وعملُ المصنِّف يدلُّ على اختيارِه الأوَّل، وهو قولُ الأكثر، وروى ابنُ أبي حَاتم بسندٍ صحيحٍ إلى الشَّعبي: أنَّ المسلمين بلغَهم يومَ بدرٍ أنَّ كُرْزَ بن جابرٍ يمدُّ المشركين فشقَّ عليهم، فأنزلَ الله تعالى: ﴿أَلَن يَكْفِيكُمْ﴾ قال الكَوَاشِيُّ: أدخلَ همزةَ الاستفهام على النَّفي توبيخًا لهم على اعتقادِهم أنَّهم لا يُنْصرون بهذا العدد، فنقلته -أي: الهمزة (٣) - إلى إثبات الفعلِ على ما كان عليه مستقبلًا، فقال: (﴿أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ﴾) من السَّماء (﴿بَلَى﴾) إيجابٌ لِمَا بعدَ ﴿لَن﴾ أي: بلى يكفيَكم، ثمَّ وعدَهم الزِّيادة على الصَّبر والتَّقوى فقال: (﴿إِن (٤) تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ﴾) أي: عليكم بالصَّبر مع نبيِّكم والتَّقوى، واذْكُروا (٥) ما جرى عليكم يومَ أحدٍ حين عدِمْتم الصَّبر والتَّقوى، وما مُنْحتم يومَ بدرٍ حين صَبرتم واتَّقيتُم اللهَ من الظَّفَر والنَّصر (﴿وَيَأْتُوكُم﴾) أي: المشركون (﴿مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا﴾) من ساعتِهم هذه (﴿يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ﴾) في حال إتيانهم من غيرِ تأخيرٍ (﴿مُسَوِّمِينَ﴾) أي: مُعَلَّمين بالصُّوف الأبيضِ، أو بالعِهن الأحمرِ،


(١) في (ص) و (ل): «تذكرون».
(٢) قوله: «الشكر موضع»: ليس في (ص) و (م).
(٣) قوله: «أي الهمزة»: ليس في (ب) و (س) و (م).
(٤) في (ص) و (م): «بلى إن».
(٥) في (ب) و (س): «تذكَّروا».

<<  <  ج: ص:  >  >>