للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حمُران مولى عثمان أنَّه قد شرب الخمر كما في «مسلمٍ»، والرَّجل الآخر: الصَّعْبُ بنُ جثَّامة الصَّحابي، رواه يعقوب بن سفيان في «تاريخه»، وإنَّما أخَّر عثمانُ إقامةَ الحدِّ عليه؛ ليكشف عن حال مَن شهد عليه بذلك، فلمَّا وضح له ذلك الأمر عَزَلَه، وأمر عليًّا بإقامة الحدِّ عليه، ولأبي ذَرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «أن يَجلِدَ» بإسقاط ضمير النَّصب (فَجَلَدَهُ) عليٌّ (ثَمَانِينَ) جلدةً.

وفي رواية مَعْمَر في «هجرة الحبشة» [خ¦٣٨٧٢] فجُلِدَ الوليدُ أربعينَ جلدةً، قال في «الفتح»: وهذه الرِّواية أصحُّ من رواية يونس، والوهم فيه من الرَّاوي عنه وهو شبيب بن سعيد، ويرجِّحُ روايةَ مَعْمَرٍ ما في «مسلم»: أنَّ عبد الله بن جعفرٍ جلدَه، وعليٌّ يعُدُّ حتَّى بلغَ أربعينَ، فقال: أمسكْ، ثمَّ قال: جلد النَّبيُّ أربعين وأبو بكرٍ أربعين وعمرُ ثمانين، وكلٌّ سُنَّة وهذا أحبُّ إليَّ، ومذهب الشَّافعيِّ: أنَّ حدَّ الخمر أربعون؛ لما سبق في رواية معمرٍ، وحديثِ مسلمٍ عن أنس: كانَ النَّبيُّ يضرب في الخمر بالجريد والنعال أربعين، نعم؛ للإمام أن يزيدَ على الأربعين قدرَها إن رآه؛ لِمَا سبق عن عمرَ، ورآه عليٌّ حيث قال: وهذا أحبُّ إليَّ، وقال كما في «مسلم»: لأنَّه إذا شربَ سَكِرَ وإذا سَكِرَ هَذَى وإذا هَذَى افْتَرَى، وحَدُّ الافتراءِ ثمانونَ، وهذه الزِّيادةُ على الحدِّ تعازيرُ لا حَدٌّ، وإلَّا لَمَا جاز تَرْكُه، واعتُرض بأنَّ وضع التَّعزيرِ النَّقصُ عن الحدِّ فكيف يُساويه؟ وأجيب بأنَّ تلك (١) الجنايات تولَّدت مِنَ الشَّارب، لكن قال الرافعيُّ: ليس هذا شافيًا؛ فإنَّ الجنايةَ غيرُ مُتَحقِّقةٍ حتى يُعزَّر، والجناياتُ التي تتولَّد مِنَ الخمر لا تنحصِرُ، فلتَجزِ الزِّيادة على الثمانين، وقد منعوها، قال: وفي تبليغ الصَّحابة الضَّرب ثمانين ألفاظٌ مشعرةٌ بأنَّ الكلَّ حَدٌّ، وعليه فحَدُّ الشَّارب مخصوصٌ مِن بين سائر الحدود بأنْ يتحتم (٢) بعضُه ويتعلَّق بعضُه باجتهاد الإمام، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى بعون الله في «الحدود» [خ¦٦٧٧٩].


(١) في (ب): «ذلك».
(٢) في غير (س): «ينحتم».

<<  <  ج: ص:  >  >>