للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حال كونِكَ (آمِنًا، وَقَدْ آوَيْتُمْ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ؟) بمدِّ همزةِ «آويتم» وقَصْرِها، وفي رواية إبراهيم ابن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق السَّبيعيِّ في أوَّلِ «المغازي» [خ¦٣٩٥٠]: «وقد آويتُمُ الصُّباة وزعمتُم أنَّكم تنصرونَهم وتُعينونَهم، أَمَا واللهِ لولا أنَّك مع أبي صفوانَ ما رجعتَ إلى أهلِكَ سالمًا» (فَقَالَ) سعدٌ له: (نَعَمْ) آويناهم (فَتَلَاحَيَا) بالحاء المهملة، أي: تخاصم سعدٌ وأبو جهل وتنازعا (بَيْنَهُمَا، فَقَالَ أُمَيَّةُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ عَلَى أَبِي الحَكَمِ) بفتحتين يريد أبا جهل اللعين (فَإِنَّهُ سَيِّدُ أَهْلِ الوَادِي) مكَّةَ (ثُمَّ قَالَ سَعْدٌ) لأبي جهل: (وَاللهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي أَنْ أَطُوفَ بِالبَيْتِ لَأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بِالشَّأْمِ) وفي رواية إبراهيمَ بن يوسفُ المذكور (١) [خ¦٣٩٥٠] «والله لئن منعتني هذا؛ لأمنعك ما هو أشدُّ عليك منه، طريقك على المدينة» (قَالَ: فَجَعَلَ أُمَيَّةُ يَقُولُ لِسَعْدٍ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ) أي: على أبي الحكم (وَجَعَلَ يُمْسِكُهُ، فَغَضِبَ سَعْدٌ) من أُميَّةَ (فَقَالَ) سعدٌ لأُميَّةَ: (دَعْنَا عَنْكَ) أي: اترك محاماتِكَ لأبي جهلٍ (فَإِنِّي سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلُكَ) الخِطابُ لأُميَّةَ، وقال الكِرمانيُّ وتبعه البِرماويُّ: إن الضمير لأبي جهلٍ، أي: أنَّ أبا جهلٍ يقتُل أُميَّةَ، واستُشكِلَ بكون أبي جهلٍ على دين أُميَّةَ فكيف يقتُلُه؟ وأجابَ الكِرمانيُّ وتبعَه البِرماويُّ: بأنَّ أبا جهلٍ كان السبب في خروج أُميَّة إلى بدرٍ حتى قُتِل، فكأنَّه قتَلَه؛ إذِ القتلُ كما يكون مباشرةً قد يكون تسبُّبًا، قال في «الفتح»: وهو فهمٌ عجيبٌ، وإنَّما أراد سعدٌ: أنَّ النبيَّ يقتُلُ أُميَّةَ، ويرُدُّ قولَ الكِرمانيِّ ما في رواية إبراهيم بن يوسف المذكور في أول «المغازي»: أنَّ أُميَّةَ لمَّا رجع إلى امرأته قال (٢): يا أمَّ صفوان أَلَمْ تري ما قال لي سعدٌ؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أنَّ محمَّدًا أخبرهم أنَّه قاتلي، ولم يتقدَّم في كلامه لأبي جهلٍ ذِكْرٌ (قَالَ) أُميَّةُ: (إِيَّايَ) يقتلُ؟ (قَالَ) سعدٌ: (نَعَمْ) إيَّاك (قَالَ) أُميَّةُ: (وَاللهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ إِذَا حَدَّثَ) قالَه، لأنَّه كان موصوفًا عندَهم بالصدق (فَرَجَعَ) أُميَّةُ (إِلَى امْرَأَتِهِ) صفيةَ بنتِ معمرٍ (فَقَالَ) لها: (أَمَا) بتخفيف الميم (تَعْلَمِينَ مَا قَالَ لِي أَخِي اليَثْرِبِيُّ؟) بالمثلَّثة، نسبة إلى يثرب، وهو اسم طيبةَ قبل الإسلام، وذكره بالأُخُوَّة باعتبار ما كان بينهما مِنَ المؤاخاة في الجاهليَّة (قَالَتْ) صفيَّةُ امرأتُه: (وَمَا قَالَ) لكَ؟ (قَالَ: زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا يَكْذِبُ مُحَمَّدٌ) بل هو الصادق المصدوق (قَالَ: فَلَمَّا خَرَجُوا) أي: أهلُ مكَّة


(١) في (د): «المذكورة».
(٢) في (ص) و (م): «فقال».

<<  <  ج: ص:  >  >>