للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عِلْمِ (١) اللهِ، عَلَّمَنِيهِ اللهُ لَا تَعْلَمُهُ) جميعه (وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَكَهُ (٢) اللهُ لَا أَعْلَمُهُ) جميعه. وهذا التَّقدير واجبٌ دافعٌ لمن استدلَّ بقوله: «إنِّي على علمٍ … » إلى آخره، بأنَّ نبَّينا اختصَّ بجمع الشَّريعة والحقيقة، ولم يكن لغيره من الأنبياء إلَّا أحدهما، لأنَّه يلزم منه خلوُّ بعض أولي العزم غير نبيِّنا من الحقيقة، وإخلاء الخضر عن علم الشَّريعة، ولا يخفى ما فيه، ويأتي -إن شاء الله تعالى- مزيدٌ لذلك في «سورة الكهف» من «التَّفسير» [خ¦٤٧٢٥]، ولا ريب أنَّ العالم بالعلم الخاصِّ لا يكون أعلم ممَّن له العلم العامُّ (٣)؛ وهو حكم الشَّرائع والتَّكاليف، فإنَّ ضرورة النَّاس تدعوهم إلى ذلك.

(قَالَ) موسى للخضر: (﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾؟ قَالَ: ﴿إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾) لأنَّ موسى لا يصبر على ترك الإنكار إذا رأى ما يخالف الشَّرع (﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٦٦ - ٦٨]) أي: وكيف تصبر وأنت نبيٌّ على ما أتولَّى من أمورٍ ظواهرها مناكير وبواطنها لم يُحِطْ بها خبرك، و ﴿خُبْرًا﴾ تمييزٌ أو مصدرٌ، لأنَّ ﴿لَمْ تُحِطْ بِهِ﴾ بمعنى: لم تُخبَره (إِلَى قَوْلِهِ: ﴿أَمْرًا﴾) أي: ولا أعصي لك أمرًا، وفي «اليونينيَّة»: «﴿أَمْرًا﴾» بكسر الهمزة، وكانت مفتوحةً فكشطَهَا مصحِّحًا (٤) عليها (فَانْطَلَقَا) موسى والخضر (يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ) ومعهما يوشع (فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، كَلَّمُوهُمْ) بغير فاءٍ (أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا) أي: أصحاب السَّفينة (الخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ) وموسى وفتاه (بِغَيْرِ نَوْلٍ) بفتح النُّون آخره لامٌ (٥)، أجرةٍ (فَلَمَّا رَكِبَا) موسى والخضر (فِي السَّفِينَةِ جَاءَ عُصْفُورٌ) بضمِّ العين وحُكِي فتحها (فَوَقَعَ عَلْى حَرْفِ السَّفِيْنَةِ فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ قَالَ لَهُ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ) أي: من معلومه (إِلَّا مِثْلَ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ) ولفظ النَّقص هنا ليس على ظاهره، وإنَّما معناه: إنَّ علمي وعلمك بالنِّسبة إلى علم الله تعالى كنسبة ما نقره هذا العصفور إلى ماء البحر، فهو على التَّقريب إلى الأفهام (إِذْ أَخَذَ) الخضر (الفَأْسَ) بالهمز (فَنَزَعَ لَوْحًا) من ألواح


(١) «علم»: سقط من (د).
(٢) في (د) و (م): «علَّمك»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».
(٣) في (م): «القاصر» ولعلَّه تحريفٌ.
(٤) في (د): «تصحيحًا».
(٥) «آخره لامٌ»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>