للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منه: أنَّ الخلَّة لم تكن بكمالها إلَّا لمن صحَّ له في ذلك اليوم المقام المحمود، وأمَّا قول الإمام فخر الدِّين: -لا ينبغي أن يُنقَل هذا الحديث، لأنَّ فيه نسبة الكذب إلى إبراهيم، وقول بعضهم له: فكيف يكذب الرَّاوي العدل؟ وجواب الإمام له: بأنَّه (١) لمَّا وقع التَّعارض بين نسبة الكذب إلى الرَّاوي وبين (٢) نسبة الكذب إلى الخليل، كان من المعلوم بالضَّرورة أنَّ نسبته إلى الرَّاوي أَولى- فليس بشيءٍ؛ إذ الحديث صحيحٌ ثابتٌ، وليس فيه نسبة محض الكذب إلى الخليل، وكيف السَّبيل إلى تخطئة الرَّاوي مع قوله: ﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩] و ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ [الأنبياء: ٦٣] وعن سارة أختي؛ إذ ظاهر هذه الثَّلاثة -بلا ريبٍ- غير مرادٍ (ثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ) أي: من الثَّلاث (فِي ذَاتِ اللهِ) لأجله ﷿ محضًا من غير حظٍّ لنفسه؛ بخلاف الثَّالثة -وهي قصَّة سارة- فإنَّها تضمَّنت حظًّا ونفعًا له.

فالأولى: (قَوْلُهُ) تعالى حاكيًا عنه لمَّا طلبه قومه ليخرج معهم إلى معيدهم (٣)، وكان أحبَّ أن يخلو بآلهتهم ليكسرها: (﴿إِنِّي سَقِيمٌ﴾ [الصافات: ٨٩]) مريض القلب بسبب إطباقكم (٤) على الكفر والشِّرك، أو سقيمٌ بالنَّسبة إلى ما يُستَقبل، يعني: (٥) مرض الموت، واسم الفاعل يُستعمَل بمعنى المستقبل كثيرًا، أو خارج المزاج (٦) عن الاعتدال خروجًا قلَّ من يخلو منه، وقال سفيان: سقيمٌ، أي: طعينٌ، وكانوا يفرُّون من المطعون، وعن ابن عبَّاسٍ في رواية العوفيِّ: قالوا له وهو في بيت آلهتهم: اخرج، فقال: إنِّي مطعونٌ، فتركوه مخافة الطَّاعون. فإنَّه كان غالب (٧) أسقامهم الطَّاعون، وكانوا يخافون العدوى، وأمَّا حكاية (٨) قول بعضهم: -إنَّه كان


(١) في (د): «لأنَّه».
(٢) «بين»: ليس في (ب).
(٣) في (ب): «عيدهم»، وفي (د ١) و (م): «معبدهم».
(٤) في (م): «إطباقهم».
(٥) زيد في (م): «من».
(٦) في (م): «المجاز» وهو خطٌأ.
(٧) في (د): «أغلب».
(٨) «حكاية»: ليس في (ب) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>