للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من كونهم غرلًا؟ وأجاب: بأنَّ سياق الآية وعبارتها دلَّ (١) على إثبات الحشر، وإشارتها على المعنى المراد من الحديث، فهو من باب الإدماج.

(وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى) من الأنبياء (يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ) بعد حشر النَّاس كلِّهم عراةً، أو بعضهم كاسيًا، أو بعد خروجهم من قبورهم بأثوابهم الَّتي ماتوا فيها، ثمَّ تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيُحشَرون عراةً، ثمَّ يكون أوَّل من يُكسَى من الجنَّة (٢) إبراهيم ، وزاد البيهقيُّ مرفوعًا من حديث ابن عبَّاسٍ: «وأوَّل من يُكسَى من الجنَّة إبراهيم، يُكسَى حلَّةً من الجنَّة، ويُؤتَى بكرسيٍّ فيُطرَح عن يمين العرش، ثمَّ يُؤتَى بي فأُكسَى حلَّةً من الجنَّة لا يقوم لها البشر». قيل: والحكمة في كون الخليل أوَّل من يُكسَى؛ لكونه (٣) جُرِّد حين أُلقِي في النَّار، ولا يلزم من تخصيص إبراهيم بأوَّليَّة الكسوة هناك أفضليَّته على نبيِّنا محمَّدٍ (٤) ، لأنَّ حلَّة نبيِّنا أعلى وأكمل، فتَجْبُر بنفاستها ما فات من الأوَّليَّة، وكم (٥) لنبيِّنا من فضائل مختصَّةٍ به، لم يُسبَق إليها ولم يُشارَك فيها، ولولم يكن له سوى خصوصيَّة الشَّفاعة العظمى، لكفى (٦) (وَإِنَّ أُنَاسًا) بهمزةٍ مضمومةٍ، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «وإنَّ ناسًا» (مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ) وهي جهة النَّار (فَأَقُولُ: أَصْحَابِي أَصْحَابِي) أي: هؤلاء أصحابي، ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «أُصَيحابي، أُصَيحابي» -مُصغرين- إشارةً إلى قلَّة عددهم، والتَّكرير للتَّأكيد (فَيُقَالُ (٧): إِنَّهُمْ لَمْ) بالميم، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: «لن» (يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ) بالكفر (مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ) قيل: المراد بهم: قومٌ من جفاة الأعراب ممَّن لا نصرة له في الدِّين ممَّن ارتدَّ بعد موته ، ولا يقدح ذلك في الصَّحابة المشهورين، فإنَّ أصحابه -وإن شاع استعماله عرفًا فيمن لَازمَه من المهاجرين والأنصار- شاع استعماله في كلِّ من تبعه، أو أدرك


(١) في (م): «يدلُّ».
(٢) «من الجنَّة»: ليس في (د).
(٣) في (د): «لأنَّه».
(٤) «محمَّدٍ»: مثبتٌ من (م).
(٥) في (ص): «ولما».
(٦) كُتِب فوقها في (د): «لعلَّه».
(٧) في نسخة (ج): «فيقول»، وكتب على هامشها: «فيقال»، كذا في «الفرع».

<<  <  ج: ص:  >  >>