للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلبَّى دعوته وأجاب طلبته، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ﴾ [الصافات: ٧٥] وأمره أن يغرس شجرًا ليعمل منه السَّفينة فغرسه، وانتظره مئة سنةٍ، ثمَّ نجره في مئة سنةٍ (١) أخرى، وأمره أن يجعل طولها ثمانين ذراعًا، وعرضها خمسين ذراعًا. وقال قتادة: كان (٢) طولها ثلاث مئة ذراعٍ في عرض خمسين. وقال الحسن البصريُّ: ستُّ مئةٍ في عرض ثلاث مئةٍ. وعن ابن عبَّاسٍ: ألفٌ ومئتا ذراعٍ في عرض ستِّ مئةٍ. وكانت ثلاث طبقاتٍ، كلُّ واحدةٍ عشرة أذرعٍ، فالسُّفلى للدَّوابِّ والوحوش، والوسطى للنَّاس، والعليا للطُّيور، وكان لها غطاءٌ من فوقها مطبقٌ عليها، وفُتِحت (٣) أبواب السَّماء بماءٍ منهمرٍ، وفُجِّرت الأرض عيونًا، وأمره الله (٤) تعالى أن يحمل في السَّفينة من كلٍّ زوجين اثنين من الحيوانات وسائر ما له روحٌ من المأكولات وغيرها، لبقاء نسلها، ومن آمن و (٥) أهل بيته إلَّا من كان كافرًا، وارتفع الماء على أعلى جبلٍ في الأرض خمسة عشر ذراعًا، وقيل: ثمانين ذراعًا، وعمَّ الأرض كلَّها طولها وعرضها، ولم يبقَ على وجه الأرض أحدٌ (٦)، واستجاب الله تعالى دعوته، حيث قال: ﴿رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] فلم يبقَ منهم عينٌ تطرف، وهذا -كما قاله (٧) الحافظ عماد الدِّين ابن كثيرٍ- يردُّ على من زعم من المفسِّرين وغيرهم: أنَّ عوج بن عنقٍ -ويُقال: ابن عناقٍ- كان موجودًا من قبل نوحٍ وإلى زمان موسى، ويقولون: كان كافرًا متمرِّدًا جبَّارًا عنيدًا، ويقولون: «عنق» أمُّه بنت آدم من زنًى وإنَّه كان يأخذ لطوله (٨) السَّمك (٩) من قرار البحر ويشويه في عين الشَّمس، وإنَّه كان يقول لنوحٍ وهو في السَّفينة: ما هذه القصعة الَّتي بك؟! ويستهزئ به، ويذكرون أنَّ طوله كان ثلاثة آلاف ذراعٍ وثلاث مئةٍ


(١) «سنةٍ»: ليس في (د).
(٢) «كان»: ليس في (د).
(٣) في (د): «وتفتَّحت».
(٤) اسم الجلالة: ليس في (د).
(٥) زيد في (ب) و (س): «من».
(٦) في (د): «أهلٌ».
(٧) في (ص): «قال».
(٨) في (د) و (م): «من طوله».
(٩) في غير (ب) و (س): «السَّمكة».

<<  <  ج: ص:  >  >>