للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنَّما يخالفهم بالعوارض والصِّفات، كالبررة والفسقة من الإنس والجنِّ، والَّذي عليه المحقِّقون: عصمة الملائكة مطلقًا. وأجابوا: بأنَّ إبليس كان جنِّيًّا نشأ بين أظهر الملائكة، وكان مغمورًا بالألوف منهم فغلبوا عليه، أو أنَّ الجنَّ كانوا مأمورين مع الملائكة، لكن استغنى بذكر الملائكة عن ذكرهم، فإنَّه إذا عُلِم أنَّ الأكابر مأمورون بالتَّذلُّل لأحدٍ والتَّوسُّل به، عُلِم أنَّ الأصاغر أيضًا مأمورون به. وأمَّا قصَّة هاروت وماروت، فرواها الإمام أحمد وابن حبَّان. ولفظ أحمد: حدَّثنا يحيى بن أبي بكيرٍ: حدثنا زهير بن محمَّدٍ، عن موسى بن جُبَيرٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر: أنَّه سمع النَّبيَّ يقول: «إنَّ آدم لمَّا أُهبِط إلى الأرض؛ قالت الملائكة: أي ربِّ ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا … ﴾ الاية [البقرة: ٣٠]. قالوا: ربَّنا نحن أطوع لك من بني آدم. قال الله تعالى للملائكة: هلمُّوا ملكين من الملائكة حتَّى نُهبِطهما إلى الأرض، ومُثِّلت لهما الزُّهرة امرأةً من أحسن البشر، فجاءتهما فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتَّى تَكَلَّما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا: والله لا نشرك بالله أبدًا، فذهبت عنهما، ثمَّ رجعت بصبيٍّ تحمله، فسألاها نفسها. فقالت: لا والله حتَّى تقتلا هذا الصَّبيَّ، فقالا: والله لا نقتله أبدًا. فذهبت، ثمَّ رجعت بقدح خمرٍ، فسألاها نفسها. فقالت: لا والله حتَّى تشربا هذا الخمر، فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصَّبيَّ، فلمَّا أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئًا أبيتماه عليَّ إلَّا قد فعلتماه حين سكرتما، فخُيِّرا بين عذاب الدُّنيا وعذاب الآخرة، فاختارا عذاب الدُّنيا» وهذا حديثٌ غريبٌ من هذا الوجه، ورجاله كلُّهم من رجال «الصَّحيحين» إلَّا موسى بن جُبَيرٍ هذا، وهو الأنصاريُّ السُّلَمِيُّ الحذَّاء. وذكره ابن حبَّان في كتاب «الجرح والتَّعديل» ولم يَحْكِ (١) فيه شيئًا، فهو مستور الحال، وقد تفرَّد به عن نافعٍ مولى ابن عمر عن ابن عمر (٢) عن النَّبيِّ . ورُوِي له متابعٌ من وجهٍ آخر عند ابن مردويه عن نافعٍ عن ابن عمر عن النَّبيِّ (٣)، لكن رواه عبد الرَّزَّاق في «تفسيره» عن الثَّوريِّ عن موسى بن عقبة عن سالمٍ عن ابن عمر عن كعبٍ قال: «ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون به (٤) من الذُّنوب، فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت … » الحديث، ورواه ابن جريرٍ من


(١) في (م): «يجد».
(٢) «عن ابن عمر»: ليس في (م).
(٣) قوله: «ورُوِي له متابعٌ من وجهٍ … عن النَّبيِّ » سقط من (م).
(٤) «به»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>