للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمُستملي: «فمن تأوَّل فيها بغير ذلك» أي: مَنْ عَلِم أحكامَ ما تدلُّ عليه حركاتها ومقارناتها في سيرها، وأنَّ ذلك يدلُّ على حوادث أرضيَّةٍ فقد (أَخْطَأَ وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ) لأنَّ أكثر ذلك حدسٌ وظنونٌ كاذبةٌ ودعاوى باطلةٌ، قال بعضهم: والكواكب الثَّوابت كثيرةٌ لا تدخل تحت الإحصاء، ولا يمكن الوقوف على كمِّيَّتها بالاستقصاء، فلذا اقتصر القدماء منها على ألف كوكبٍ واثنين وعشرين كوكبًا، عرفوا أمكنتها بالرَّصد، فصرفوها في شوؤن نفوسهم وأعراضها، وحسموا بالعلم بها أمرًا منها، جمعوا ما تشتَّت منها في صورٍ تخيَّلوها فيها، وقطعوا عليها أسماءً اصطلحوا عليها؛ ليقف الباحث عنها على حقيقتها عند النَّظر إليها، وهي ثمانيةٌ وأربعون صورةً، منها: في النِّصف الشَّماليِّ من الكرة إحدى وعشرون صورةً، ومنها: في وسطها اثنتا عشرة صورةً، وهي البروج، وعليها ممرُّ الشَّمس والقمر والكواكب السَّريعة السَّير، ومنها: في النِّصف الجنوبيِّ خمس عشرة صورةً، وهذه الصُّور تنتظم من مئةٍ وسبعة عشر كوكبًا، وما بقي من الكواكب المعدودة المرصودة -وهي مئةٌ وثمانية عشر كوكبًا- فإنَّها لم تنتظم مع شيءٍ من الصُّور، فأضافوا إلى كلِّ صورةٍ ما كان قريبًا منها وسمَّوه خارج الصُّورة، وذكروا أنَّ منها ما هو في النَّظم مثل الأرض مئة مرَّةٍ وسبع مرَّاتٍ … إلى غير ذلك ممَّا يمكن في القدرة، لكن لم يَرِدْ به نصٌّ عن الشَّارع فيما علمناه، ولأبي العلاء المعرِّي:

والنَّجم تستصْغِرُ الأبصارُ رؤيتَه … والذَّنبْ للطَّرف لا للنَّجْم في الصِّغَرِ (١)

وقد جرى المؤلِّف على عادته في ذكر (٢) تفسير آياتٍ استطرادًا للفائدة، فقال: (وَقَالَ) بالواو، ولأبي ذرٍّ: «قال» (ابْنُ عَبَّاسٍ: ﴿هَشِيمًا﴾ [الكهف: ٤٥]) أي: (مُتَغَيِّرًا) كما ذكره إسماعيل بن أبي زيادٍ في «تفسيره»، وقال أبو عبيدة: ﴿هَشِيمًا﴾ أي: يابسًا متفتِّتًا (وَالأَبُّ: مَا يَأْكُلُ الأَنْعَامُ) أي: ولا يأكله النَّاس (وَالأَنَامُ: الخَلْقُ) أخرجه ابن أبي حاتمٍ من طريق عليِّ بن أبي


(١) قوله: «قال بعضهم: والكواكب الثوابت … في الصغر» مثبتٌ من (م).
(٢) «ذكر»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>