للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بيتِكم يخرج الورع الصَّادق، لا تغزلي في شعاعها، مكث مالك بن دينارٍ بالبصرة أربعين سنةً لم يأكل من ثمرها حتَّى مات، أقامت السَّيِّدة بديعة الإيجيَّة من أهل عصرنا هذا بمكَّة أكثر من ثلاثين سنةً لم تأكل من اللُّحوم والثِّمار وغيرها المجلوبة من بَجِيلة لِمَا قِيلَ: إنَّهم لا يورِّثون البنات، وامتنع أبوها نور الدِّين من تناول ثمر المدينة لِمَا ذُكِرَ أنَّهم لا يزكُّون، مَنْ ترخَّص نَدِم وَمِنْ فواضل الفضائل حُرِم.

(أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام؛ أنَّ الأمر كما تقدَّم (وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ) -بكسر اللَّام- من ملوك العرب (حِمًى) مكانًا مُخْصِبًا حَظَرَهُ لرعي مواشيه، وتوعَّد مَنْ رعى فيه بغير إذنه بالعقوبة الشَّديدة، وسقط قوله «أَلَا وإنَّ» في رواية الأَصيليِّ: (أَلَا) بفتح الهمزة وتخفيف اللَّام (إِنَّ) وفي رواية أبي ذَرٍّ (١): «وإنَّ» (حِمَى اللهِ) تعالى، وفي رواية غير المُستملي هنا زيادة: (فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ) أي: المعاصي التي حرَّمها كالزِّنا والسَّرقة؛ فهو من باب التَّمثيل والتشبيه (٢) بالشَّاهد عن الغائب، فشبَّه «المُكلَّفَ» بالرَّاعي، و «النَّفسَ البهيميَّة» بالأنعام، و «المُشَبَّهات» بما حول الحِمَى، و «المحارم» بالحِمَى، و «تناول المُشَبَّهات» بالرَّتع حول الحمى، ووجه التَّشبيه: حصول العقاب بعدم الاحتراز عن ذلك، كما أنَّ الراعيَ إذا جرَّه رعيُه حول الحِمَى إلى وقوعه في الحمى استحقَّ العقاب بسبب ذلك، فكذلك مَنْ أكثر من الشُّبُهات وتعرَّض لمقدِّماتها وقع في الحرام، فاستحقَّ العقاب بسبب ذلك (أَلَا) إنَّ الأمر كما ذُكِرَ (وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً) بالنَّصب اسم «إنَّ» مُؤخَّرًا، أي: قطعةً من اللَّحم، وسُمِّيت بذلك لأنَّها تُمضَغُ في الفم لصغرها (إِذَا صَلَحَتْ) بفتح اللَّام، وقد تُضَمُّ، أي: المضغة (صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ) وسقط لفظ «كلُّه» عند ابن عساكر (وَإِذَا فَسَدَتْ) أي: المضغة أيضًا (فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ؛ أَلَا وَهِيَ القَلْبُ) إنَّما كان كذلك لأنَّه أمير البدن، وبصلاح الأمير تصلح الرَّعيَّة، وبفساده تَفْسُد، وأشرفُ ما في الإنسان قلبُه؛ فإنَّه


(١) «أبي ذرٍّ»: سقط من (م).
(٢) في (س): «والتَّنبيه»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>