للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرطه أن يكون مؤمنًا بنبيِّه. نعم، مَن دخل في اليهوديِّة من غير بني إسرائيل، أو (١) لم يكن بحضرة عيسى فلم تبلغه دعوته يصدق عليه أنَّه يهوديٌّ مؤمنٌ؛ إذ هو مؤمنٌ بنبيِّه موسى ولم يكذِّب نبيًّا آخرَ بعده، فمن أدرك بعثة محمَّدٍ ممَّن كان بهذه المثابة، وآمن به لم يشكل أنَّه دخل في الخبر المذكور. نعم، الإشكال في اليهود الَّذين كانوا بحضرته ، وقد ثبت أنَّ الآية الموافقة لهذا الحديث، وهي قوله تعالى في سورة القصص: ﴿أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ﴾ [القصص: ٥٤] نزلت في طائفةٍ آمنوا به (٢) (٣) كعبد الله بن سَلَام وغيره، ففي «الطَّبرانيِّ» من حديث رِفَاعة القُرظيِّ قال: نزلت هذه الآيات (٤) فيَّ وفيمن آمن معي، وروى الطَّبرانيُّ بإسنادٍ صحيحٍ عن عليِّ بن رِفَاعة القُرظيِّ قال: خرج عشرةٌ من أهل الكتاب -منهم أبي (٥) رِفاعةُ- إلى النَّبيِّ ، فآمنوا فأُوذوا، فنزلت: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ﴾ … الآيات [القصص: ٥٢ - ٥٥] فهؤلاء من بني إسرائيل ولم يؤمنوا بعيسى، بل استمرُّوا على اليهوديَّة إلى أن آمنوا بمحمَّدٍ ، وقد ثبت أنَّهم يؤتون أجرهم مرَّتين. قال الطِّيبيُّ: فيحتمل إجراء الحديث على عمومه؛ إذ لا يبعد أن يكون طريان الإيمان بمحمَّدٍ سببًا لقبول تلك الأديان وإن كانت منسوخةً. انتهى. ويمكن أن يقال: إنَّ الَّذين كانوا بالمدينة لم تبلغهم دعوة عيسى لأنَّها لم تنتشر في أكثر البلاد، فاستمرُّوا على يهوديَّتهم مؤمنين بنبيِّهم موسى إلى أن جاء الإسلام، فآمنوا بمحمَّدٍ ، فبهذا يرتفع الإشكال، واشترط بعضهم في الكتابيِّ بقاءه (٦) على ما بُعِث به نبيُّه من غير تبديلٍ ولا تحريفٍ، وعُورض: بأنه كتب إلى هرقل: «أسلمْ تَسلمْ، يؤتك الله أجرك مرَّتين»، وهرقل كان ممَّن دخل في النَّصرانيَّة بعد التَّبديل، والتَّقييد بأهل الكتاب مخرجٌ لغيرهم من الكفَّار، فلا ينبغي حمله على العموم، وإن جاء في الحديث أنَّ حسناتِ الكفَّار مقبولةٌ بعد إسلامهم؛ لأنَّ لفظ الكفَّار يتناول الكافر الحربيَّ، وليس له أجران قطعًا (وَالعَبْدُ) المملوك (الَّذِي


(١) في (م): «و».
(٢) «آمنوا به»: ليس في (د).
(٣) في (ص) و (م): «منهم».
(٤) في (م): «الآية».
(٥) في (م): «أبو».
(٦) في (ج) و (ل): «بقاؤه».

<<  <  ج: ص:  >  >>