للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حصَّلها من جزئه من الغنيمة وغيرها، وكانت قصَّة عُمَر هذه -فيما ذكره ابن شبَّة بإسنادٍ ضعيفٍ عن محمَّد بن كعبٍ- سنةَ سبعٍ من الهجرة، وقال البكريُّ في «المعجم»: «ثَمْغ»: موضعٌ تلقاء المدينة كان فيه مالٌ لعمر بن الخطَّاب، فخرج إليه يومًا ففاتته صلاة العصر، فقال: شغلتني ثَمْغٌ عن الصَّلاة، أشهدكم أنَّها صدقة (فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي) أن أفعل (بِهِ؟) من أفعال البرِّ والتَّقرُّب إلى الله تعالى (قَالَ) : (إِنْ شِئْتَ حَبَّسْتَ أَصْلَهَا) بتشديد الموحَّدة للمبالغة، ولهذا كان صريحًا في الوقف؛ لاقتضائه بحسب الغلبة استعمالًا (١) الحبسَ على الدَّوام، وحقيقة الوقف تحبيس مالٍ يمكنه الانتفاع به مع بقاء عينه، يقطع (٢) تصرُّف الواقف وغيره في رقبته؛ ليصرف ريعه في جهة خيرٍ تقرُّبًا إلى الله تعالى (وَتَصَدَّقْتَ بِهَا) أي: بالأرض المحبَّسة، فهو صريحٌ بنفسه، أو إذا قُيِّد بقرينةٍ، أو الضَّمير راجعٌ إلى الثَّمرة والغلَّة، وحينئذٍ فالصَّدقة على بابها لا على معنى التَّحبيس، لكنَّه يكون على حذف مضافٍ، أي: وتصدَّقت بثمرتها وبريعها أو بغلَّتها، وبه جزم القرطبيُّ (فَتَصَدَّقَ عُمَرُ) أي: بها (أَنَّهُ لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ) زاد الدارقطنيُّ من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ: حبيسٌ ما دامت السَّموات والأرض، وظاهره أنَّ الشَّرط من كلام عمر، لكن سبق في «باب قول الله تعالى: ﴿وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ﴾ [النساء: ٦]» و «ما للوصيِّ أن يعمل في مال اليتيم» [خ¦٢٧٦٤] من طريق صخر بن جويرية عن نافعٍ، فقال النبي : «تصدَّق بأصله، لا يباع، ولا يورث، ولكن يُنفَقُ ثمره» فتصدَّق به عمر، أي: كما أمره (فِي الفُقَرَاءِ) الَّذين لا مال لهم ولا كسب يقع موقعًا من حاجتهم (وَالقُرْبَى) أي: الأقارب، والمراد: قربى الواقف، لأنَّه الأحقُّ بصدقة قريبه، ويحتمل على (٣) بُعْدٍ أن يُراد قربى النَّبيِّ كما في الغنيمة (وَالرِّقَابِ) أي: في


(١) في (د): «استعمال».
(٢) في (د): «بقطع».
(٣) في (ص): «أن».

<<  <  ج: ص:  >  >>