للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وَقَالَ عَطَاءٌ) هو ابن أبي رباح، بالإسناد السَّابق الموصول إلى قتادة: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (جَابِرٌ) هو ابن عبد الله الأنصاريُّ (عَنِ النَّبِيِّ نَحْوَهُ) أي: نحو حديث أبي هريرة ، ورواه مسلم عن قتادة عن عطاء بلفظ: «العُمْرى ميراثٌ لأهلها»، ولعلَّه المراد بقوله: «نحوه»، لكن في رواية أبي ذرٍّ بلفظ: «مثلَه» بدل «نحوَه».

قال النَّوويُّ: قال أصحابنا: للعُمْرى ثلاثة أحوال:

أحدُها: أن يقول: أعمرتك هذه الدَّار، فإذا متَّ فهي لورثتك أولعَقِبك، فتصحُّ بلا خلاف، ويملك رقبة الدَّار، وهي هبة، فإذا مات فالدار لورثته، وإلَّا فلبَيْت المال، ولا تعود إلى الواهب بحال.

ثانيها: أن يقتصر على قوله: جعلتها لك عُمْرى، ولا يتعرَّض لِمَا سواه، ففي صحَّته قولان للشَّافعيِّ، أصحُّهما -وهو الجديد- صحَّتُه.

ثالثها: أن يزيد عليه بأن يقول: فإن متَّ عادت إليَّ، ولورثتي إن متُّ صحَّ ولغا الشَّرط. وقال أحمد: تصحُّ العُمْرى المطلقة دون المؤقَّتة، وقال مالك: العُمْرى في جميع الأحوال تمليكٌ لمنافع الدَّار مثلًا، ولا تُملك فيها رقبتها بحال، ومذهب أبي حنيفة كالشَّافعية، ولم يذكر المؤلِّف في الرُّقبى -المذكورة في جملة التَّرجمة- شيئًا، فلعلَّه يرى اتِّحادهما في المعنى كالجمهور، وقد روى النَّسائيُّ بإسناد صحيح عن ابن عبَّاس موقوفًا: «العُمْرى والرُّقبى سواء»، وقد منعها مالك وأبو حنيفة ومحمَّد خلافًا للجمهور، ووافقهم أبو يوسف. وللنَّسائيِّ من طريق إسرائيلَ عن عبد الكريم عن عطاء قال: «نهى رسول الله عن العُمْرى والرُّقبى». قلت: وما الرُّقبى؟ قال: «يقول الرَّجل للرَّجل: هي لك حياتَك، فإن فعلتم فهو جائز» أخرجه مرسلًا. وأخرجه من طريق ابن جريج عن عطاء عن حبيبٍ بن أبي ثابتٍ عن ابن عمر مرفوعًا: «لا عُمْرى ولا رُقْبى، فمن أُعْمر شيئًا أو أُرْقِبه فهو له حياتَه ومماتَه» ورجاله ثقاتٌ، لكن اختُلِف في سماع حبيب له من ابن عمر، فصرَّح به النَّسائيُّ في طريقٍ، ونفاه في طريقٍ أخرى، وأُجِيبَ: بأنَّ معناه: لا عُمْرى (١) بالشُّروط الفاسدة على ما كانوا يفعلونه في الجاهليَّة من الرُّجوع، أي: فليس لهم العُمْرى المعروفة عندهم المقتضية للرُّجوع، فأحاديث النَّهي محمولةٌ على الإرشاد.


(١) في (ص): «رقبى».

<<  <  ج: ص:  >  >>